مشيت بنصح، وتكلّمت بعقل، ومهما يقض من أمر يكن أخذت برأيك؛ فأنت عندى أحمد مشير، وأنصح ناصح.
وأتاه عبد الله بن عباس ﵄ فقال له: قد أرجف الناس أنك سائر إلى العراق، فبيّن لى ما أنت صانع. فقال له: قد أجمعت السير فى أحد يومىّ هذين إن شاء الله تعالى. فقال له ابن عباس ﵄: فإنى أعيذك بالله من ذلك، أخبرنى، أتسير إلى قوم قتلوا أميرهم، وضبطوا بلادهم، ونفوا عدوهم؟ فإن كانوا فعلوا ذلك فسر إليهم، وإن كانوا إنما دعوك إليهم-وأميرهم عليهم قاهر لهم، وعماله تجبى بلاده-فإنما دعوك إلى الحرب، ولا آمن عليك أن يغروك ويكذبوك ويستنفروا إليك ويكونوا أشد الناس عليك. فقال الحسين: إنى أستخير الله وأنظر ما يكون. فخرج ابن عباس.
وأتاه ابن الزبير فحدثه ساعة ثم قال: ما أدرى ما تركنا هؤلاء القوم وكفنا عنهم، ونحن أبناء المهاجرين وولاة هذا الأمر دونهم!! خبرنى ما تريد أن تصنع؟ فقال الحسين ﵁:
لقد حدثت نفسى بإتيان الكوفة، ولقد كتب إلىّ شيعتى بها وأشراف الناس، وأستخير الله تعالى. فقال ابن الزبير: أما لو كان لى بها مثل شيعتك لما عدلت عنها. ثم خشى أن يتّهمه فقال: أما إنك لو أقمت بالحجاز ثم أردت هذا الأمر ها هنا ما خالفنا عليك، وساعدناك وبايعناك ونصحنا لك. فقال له الحسين: إن أبى حدثنى أن بها كبشا يستحل حرمتها فما أحب أن أكون ذلك الكبش.