للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال: فأقم إن شئت وتولينى أنا الأمر تطاع ولا تعصى. قال: ولا أريد هذا أيضا. ثم إنهما أخفيا كلامهما، فالتفت الحسين إلى من هناك وقال: أتدرون ما يقول؟ قالوا: لا ندرى. جعلنا الله فداك. قال:

إنه يقول أقم فى هذا المسجد أجمع لك الناس. ثم قال له الحسين:

والله لئن أقتل خارجا منها بشبر أحب إلىّ من أن أقتل فيها، ولئن أقتل خارجا منها بشبرين أحب إلى من أن أقتل خارجا منها بشبر، والله لو كنت فى جحر هامة من هذه الهوام (١) لاستخرجونى حتى يقضوا بى حاجتهم (١)، والله ليعتدون علىّ كما اعتدت اليهود فى السبت. فقام ابن الزبير فخرج من عنده، فقال الحسين: إن هذا ليس من الدنيا شئ أحبّ إليه من أن أخرج من الحجاز، وقد علم أن الناس لا يعدلونه بى؛ فودّ أنى خرجت حتى يخلو له.

فلما كان من العشى-أو من الغداة-أتاه ابن عباس فقال:

يا ابن عمّ إنى أتصبّر ولا أصبر، إنى أتخوّف عليك فى هذا الوجه الهلاك والاستئصال، إن أهل العراق قوم غدر فلا تقربنّهم، أقم بهذا البلد فإنك سيّد الحجاز، فإن كان أهل العراق يريدونك كما زعموا فاكتب إليهم فلينفوا عاملهم وعدوّهم، ثم أقدم عليهم، وإن أبيت إلا أن تخرج فسر إلى اليمن، فإن فيها حصونا وشعابا (٢)،


(١) فى الأصول «لا يستخرجونى حتى يقضوا لى حاجتهم» والمثبت عن الكامل لابن الأثير ٤:١٧.
(٢) فى الأصول «وشعبا» والمثبت عن المرجع السابق.