للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأدخل ذلك البيت فى الدار حتى أخرجته الخيزران (١) -حين حجت-فجعلته مسجدا يصلّى فيه. ويقال: ولد بشعب بنى هاشم. وقيل: بالدار التى عند الصفا. ويقال بالرّدم. وأغرب بعضهم فقال: ويقال: بعسفان.

قالت آمنة: فلما وضعت محمدا رأيت سحابة بيضاء قد أقبلت من السماء تنزل حتى غشيته، فغيّب عن وجهى، فسمعت مناديا ينادى يقول: طوفوا بمحمد شرق الأرض وغربها، وأدخلوه البحار كلّها؛ ليعرفوه باسمه وصفته وصورته. ويعلمون أنه سمّى فيها الماحى لا يبقى شئ من الشّرك إلا محى به فى زمننا. ثم تجلّت فى أسرع وقت، فإذا به مدرج فى ثوب صوف أبيض، أشدّ بياضا من اللبن، وتحته حبرة خضراء قد قبض محمد على ثلاثة مفاتيح من اللؤلؤ الرّطب الأبيض، وإذا قائل يقول: قد قبض محمد على مفاتيح النّصر، ومفاتيح الرّيح، ومفاتيح النّبوّة. ثم أقبلت سحابة أعظم من الأولى، ونور؛ يسمع منها صهيل الخيل وخفقان الأجنحة من كلّ مكان وكلام الرجال، حتى غشيته، فغيب عنى أطول وأكثر من المدة الأولى، فسمعت مناديا ينادى يقول: طوفوا بمحمد الشرق والغرب، وعلى مواليد (٢) النبييّن، وأعرضوه على كل روحانىّ من


(١) هى الخيزران بنت عطاء زوجة الخليفة المهدى، وأم الهادى والرشيد، وكانت من ربات السياسة والنفوذ والسلطان، توفيت سنة ١٧٢ هـ وقيل ١٧٣ هـ، فى خلافة ابنها هارون الرشيد. شذرات الذهب ١:٢٨٠، (وأعلام النساء لكحالة ١: ٣٩٥ - ٤٠١)
(٢) كذا فى م، هـ. وفى ت «موالد».