رأينا المختار بن أبى عبيد، واستأذنته فى تكفينه ودفنه فأبى، ووكل بالخشبة من يحرسها، وكتب إلى عبد الملك يخبره بصلبه.
ولما فرغ الحجاج من أمر ابن الزبير دخل مكة فبايع أهلها لعبد الملك بن مروان، وأمر بكنس المسجد الحرام من الحجارة والدم.
ومرّ عبد الله بن عمر بابن الزبير ﵄ فقال:
السلام عليك أبا خبيب، السلام عليك أبا خبيب، أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا، ولقد كنت صوّاما قوّاما وصولا للرحم، أما والله إن قوما أنت شرهم لنعم القوم.
وكان ابن الزبير ﵁ قبل قتله بقى أياما يستعمل الصبر والمسك حتى لا ينتن، فلما صلب ظهرت منه ريح المسك، فقيل إن الحجاج صلب معه كلبا ميتا (١) فغلب على ريح المسك، وقيل بل صلب معه سنّورا.
ولما قتل عبد الله ركب أخوه عروة ناقة لم ير مثلها، وسار إلى عبد الملك، فقدم الشام قبل وصول رسل الحجاج بقتل عبد الله، فأتى باب عبد الملك فاستأذن عليه، فأذن له، فلما دخل سلّم عليه بالخلافة، فردّ عليه عبد الملك ورحّب به، وعانقه وأجلسه معه على السرير، فقال عروة:-
(١) كذا فى الأصول، والكامل لابن الأثير ٤:١٤٩. وفى العقد الثمين ٥: ١٥٠ «كلبا منتنا».