أبا عبد الله اتق [الله](١) ولا تشمت بنا الأعداء، فتقدم إلى أستار الكعبة، ثم أخذها وقال: برئت منه إن دخلها أبو جعفر. ولما قرب أبو جعفر المنصور أرسل إليه محمد بن إبراهيم رسولا بهدايا، فلما أخبر المنصور بأن رسول محمد بن إبراهيم قدم أمر بدوابه فضربت وجوهها وردّ هداياه عليه. فلما سار إلى بئر ميمون لقيه محمد بن إبراهيم فأمر بدوابه فضربت وجوهها وعزله، وولى ابن أخيه إبراهيم ابن يحيى بن محمد بن على بن عبد الله-وهو صبى أمرد-فكان محمد يسير ناحية، وعدل بأبى جعفر عن الطريق فى الشق الأيسر، فأنيخ به. ومحمد واقف قبالته ومعه طبيب له-فمضى إلى موضع مناخ أبى جعفر فرأى نجوه، فقال لمحمد: رأيت نجو رجل لا تطول به الحياة. فمات أبو جعفر المنصور عند بئر ميمون الحضرمى عند ظاهر مكة فى سحر سابع الحجة، وكان قد استخلف ابنه المهدى، ولم يحضر عند وفاته إلا خدمه والربيع مولاهم، وكتم الربيع موته ومنع من البكاء عليه، ثم أصبح فحضر أهل بيته كما كانوا يحضرون، وكان أول من دعى عيسى بن على، فمكث ساعة ثم أذن لابن أخيه عيسى بن موسى-وكان فيما خلا تقدم على عيسى بن على-ثم أذن للأكابر وذوى الأسنان منهم، ثم لعامتهم، وخرج أبو العنبر خادم المنصور فشق الأقبية، وحثا على رأسه التراب، وصاح: وا أميرا المؤمنيناه. فما بقى أحد إلا قام،
(١) إضافة على الأصول عن درر الفرائد. وفى الإعلام بأعلام بيت الله الحرام ٩٦ «يا عبد الله قم واختف».