ثم تقدموا ليدخلوا عليه فمنعهم الخدم، وقال ابن عياش:
المنتوف (١): سبحان الله ما شهدتم موت خليفة قط؟! اجلسوا.
فجلسوا، وقام القاسم فشق الثياب ووضع التراب على رأسه، وموسى ابن المهدى قد صدر عند عمود السرادق، والقاسم بن المنصور فى ناحية من السرادق، وكان قبل ذلك يسير بين المنصور وبين صاحب الشرطة ويرفع الناس إليه القصص. ثم خرج الربيع وفى يده قرطاس ففتحه وقرأه فإذا فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم. من عبد الله المنصور أمير المؤمنين إلى من يخلف بعده من بنى هاشم وشيعته من أهل خراسان، وعامة المسلمين. ثم ألقى القرطاس من يده، ثم بكى وبكى الناس، فأخذ القرطاس ثم قال: قد أمكنكم البكاء فأنصتوا رحمكم الله. فسكت الناس، ثم رجع إلى القراءة فقرأ: أما بعد فإنى قد كتبت كتابى هذا وأنا حىّ فى آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة، وأنا أقرأ عليكم السلام وأسأل الله ألاّ يفتنكم بعدى ولا يلبسكم شيعا، ولا يذيق بعضكم بأس بعض، يا بنى هاشم ويا أهل خراسان. ثم أخذ فى وصيتهم بالمهدى، وإذكارهم البيعة له، وحثهم على القيام بدولته.
والوفاء بعهده. إلى آخر الكتاب، وكان ذلك شيئا قد وضعه الربيع./
(١) هذه الكلمة ساقطة فى ت، وهى فى م «الميتون» والمثبت عن الكامل لابن الأثير ٦:١٢. وفى تاريخ الطبرى ٩:٣٠٤ «وكان ابن عياش منتوفا: أى بلا لحية».