للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الله الذى استأمن له يعقوب، فأحسن المهدىّ صلته وجائزته، وأقطعه مالا من الصّوافى بالحجاز، وحمل له الأمير محمد بن سليمان الثلج حتى وافى به مكة، وهذا شئ لم يتم لأحد قبله (١).

فنزل المهدى دار الندوة، وجاءه عبيد الله بن عثمان الحجبى بالمقام-مقام إبراهيم-فى ساعة خالية نصف النهار مشتملا عليه، وقال للحاجب: إئذن لى على أمير المؤمنين فإن معى شيئا لم يدخل به على أحد قبله، وهو يسرّ أمير المؤمنين. فأدخله عليه، فكشف عن المقام، فسرّ بذلك وتمسّح به، وكبّ فيه ماء ثم شربه، وقال له:

اخرج. وأرسل إلى بعض أهله فشربوا منه وتمسّحوا به، ثم أدخل فاحتمله وردّه إلى مكانه، وأمر له بجوائز عظيمة، وأقطعه خيفا بنخلة؛ يقال له ذات الفريع، فباعه من منيرة مولاة المهدى بعد ذلك بسبعة آلاف دينار.

وذكر حجبة الكعبة للمهدى أنه اجتمع على الكعبة كسوة كثيرة حتى إنها قد أثقلتها، ويخاف على جدرانها أن تنهدم من ثقل الكسوة. فأمر أن ينزع ما عليها من الكسوة، فنزع حتى بقيت مجرّدة، ثم لما بلغوا إلى كسوة هشام وجدوها من الديباج الثخين، ووجدوا كسوة من كان قبله من متاع اليمن. ثم طلى جدرانها من داخلها وخارجها بالغالية والمسك والعنبر، صعدوا على ظهر الكعبة


(١) المحبر ٣٦، ومروج الذهب ٤:٤٠٢، والكامل لابن الأثير ٦:١٨، وشفاء الغراء ٢:٢١٥،٢١٧، وتاريخ الخميس ٢:٣٣٠.