وفيها-أو فى التى بعدها-كتب يحيى بن مسكين بن أيوب ابن محارب على لسان أهل المدينة إلى داود بن عيسى بن موسى الهاشمى أمير مكة يسألونه التحوّل إليهم، ويعلمونه أن مقامه بالمدينة أفضل من مقامه بمكة، وأهدوا إليه فى ذلك شعرا، قال شاعرهم فيه:-
أداود قد فزت بالمكرمات … وبالعدل فى بلد المصطفى
وصرت ثمالا لأهل الحجاز … وسرت بسيرة أهل التقى
وأنت المهذّب من هاشم … ومن منصب العز والمرتجى
وأنت الرّضا للذى نابهم … وفى كل ذلك وابن الرضا
وبالفئ أغنيت أهل الخصاص … فعدلك فينا هو المنتضى
ومكة ليست بأرض المقام … فهاجر كهجرة من قد مضى
مقامك عشرين شهرا بها … كثير لهم عند أهل الحجى
فقم ببلاد الرسول التى … بها الله خصّ نبىّ الهدى
ولا يلفتنّك عن قربه … مشير مشورته بالهوى
فقبر النبى وآثاره … أحقّ بقربك من ذى طوى
فلما ورد الكتاب والأبيات على داود بن عيسى أرسل إلى رجال من أهل مكة فقرأ عليهم الكتاب، فأجابه رجل منهم يقال له عيسى ابن عبد العزيز بن السعلبوس بقصيدة يردّ عليه، ويذكر فيها فضل مكة، وما خصها الله تعالى به من الكرامة والفضيلة، ويذكر المشاعر والمناقب فقال:-