للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأعاده فى مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه-يعنى ظئره-فقالوا:

قتل محمد. فجاءوا فاستقبلهم النبىّ صلى الله تعالى عليه وسلم وهو منتقع اللون، فسألت حليمة ابنها: ما رأيت؟ قال؟ رأيت طائرين أبيضين وقعا، فقال أحدهما: أهو هو؟ فقال: نعم. فأخداه فسلقاه (١) على ظهره فشقّا بطنه، وأخرجا ما كان فى بطنه، ثم قال أحدهما: إيتنى بماء ثلج. فجاء به فغسل بطنه، ثم قال: إيتنى بماء برد. فجاء به فغسل بطنه، ثم أعاده كما هو.

فلما رأوا ما أصابه شاورت أمّه أباه وقالت: ترى أن نرده على أمه؟ إنا نخاف أن يصيبه عندنا ما هو أشدّ من هذا، فنردّه إلى أمه فيعالج؛ فإنى أخاف أن يكون به لمم، إن هذا أعظم مولود رآه أحد بركة، والله إن أصابه إلا حسد من آل فلان؛ لما يرون من عظم بركته منذ كان بين أظهرنا. قال أبوه: يا حليمة أخذناه ولنا عشرة أعنز عجاف، فغنمنا اليوم ثلاثمائة. قالت: إنى أخاف عليه.

قالت حليمة: فاحتملناه فقدمنا به على أمه (٢).

وقيل: إن رجلا سأل النبىّ صلى الله تعالى عليه وسلم فقال:

كيف كان أوّل شأنك يا رسول الله؟ فقال: كانت حاضنتى من بنى سعد بن بكر، فانطلقت أنا وابن لها فى بهم لنا ولم نأخذ لنا زادا، فقلت:

يا أخى اذهب فأتنا بزاد من عند أمنا-فانطلق أخى-وكنت (٣)


(١) سلقاه: يقال سلقه الطبيب أى مده على ظهره. (المعجم الوسيط)
(٢) دلائل النبوة ١:٢٩٣، السيرة النبوية لابن كثير ١:٢٣١، سبل الهدى والرشاد ١:٤٧٤.
(٣) كذا فى الأصول. وفى دلائل النبوة ١:٢٩٥، والوفا بأحوال المصطفى ١: ١١١ «ومكثت».