ياظئر-وقد كنت حريصة عليه وعلى مكثه عندك؟! فقالت: نعم قد بلّغ الله بابنى، وقضيت الذى علىّ، وتخوّفت الأحداث عليه؛ فأدّيت أمانتى وذمّتى عليك كما تحبّين. قالت: ما هذا شأنك!! فاصدقينى خبرك. فلم تدعنى حتى أخبرتها بالذى لقيت، فلم يرعها ذلك وقالت: أتخوّفت عليه الشيطان؟ قلت: نعم. قالت:
كلاّ والله ما للشيطان عليه من سبيل، وإنه لكائن لابنى هذا لشأن من الشأن، أفلا أخبرك خبره؟ قلت: بلى. قالت: إنى حملت به، فو الله ما رأيت من حمل قط كان أخفّ ولا أيسر منه علىّ، ولا أعظم بركة؛ رأيت نورا كأنه شهاب خرج منى حين وضعته أضاءت له قصور بصرى-ويروى أعناق الإبل ببصرى-من أرض الشام، ووقع حين ولدته وإنه لواضع يده بالأرض رافعا رأسه إلى السماء، دعيه عنك وانطلقى راشدة (١).
وقيل: إن شيخا من بنى عامر جاء إلى النبىّ صلى الله تعالى عليه وسلم فقال: يا ابن عبد المطلب، إنى أنبئت أنّك تزعم أنك رسول الله إلى الناس، فأنبئنى بحقيقة ذلك، وبدء شأنك. فقال:
يا أخا بنى عامر، إن حقيقة قولى وبدء شأنى دعوة إبراهيم، وبشرى أخى عيسى بن مريم، وأن أمى لما ولدتنى كنت مسترضعا فى بنى ليث بن بكر. فبينا أنا ذات يوم منتبذ من أهلى فى بطن واد مع أتراب لى من الصبيان، إذ أنا برهط ثلاثة معهم طست من ذهب ملئ ثلجا. فأخذونى من بين أصحابى، فخرج أصحابى هرابا حتى انتهوا إلى