للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بنى سعد بن بكر، فقال لى الناس: اذهبى به إلى الكاهن حتى ينظر إليه ويداويه. فقال: ما بى شئ مما تذكرون، وإنى أرى نفسى سليمة وفؤادى صحيحا (١) بحمد الله . فقال الناس: أصابه لمم أو طائف من الجن، فغلبونى على رأيى (٢)؛ فانطلقت به إلى الكاهن فقصصت عليه القصة، قال: دعينى أنا أسمع منه؛ فإن الغلام أبصر بأمره منكم، تكلم يا غلام. قالت حليمة: فقصّ ابنى محمد قصته ما بين أولها إلى آخرها، فوثب الكاهن قائما على قدميه فضمه إلى صدره ونادى بأعلى صوته: يا للعرب يا للعرب من شرّ قد أقترب، اقتلوا هذا الغلام واقتلونى معه، فإنكم إن تركتموه وأدرك مدرك الرجال ليسفّهن أحلامكم، وليكذبن أديناكم، وليدعونكم إلى رب لا تعرفونه، ودين تنكرونه. فلما سمعت مقالته انتزعته من يده وقلت: لأنت أعته منى (٣) وأجن، ولو علمت أن هذا يكون من قولك ما أتيتك به، أطلب لنفسك من يقتلك، فإنا لا نقتل محمدا.

فاحتملته فأتيت به منزلى، فما أتيت-يعلم الله-منزلا من منازل بنى سعد بن بكر إلا وقد شممنا منه ريح المسك الأذفر، وكان فى كل يوم ينزل عليه رجلان أبيضان فيغيبان فى ثيابه ولا يظهران، فقال الناس: ردّيه يا حليمة على جدّه عبد المطلب وأخرجيه من أمانتك.

قالت: فغزمت على ذلك، فسمعت مناديا ينادى: هنيئا لك


(١) فى الأصول، وسبل الهدى والرشاد ١:٤٧٥ «صحيح» والمثبت عن الخصائص الكبرى ١:١٣٩.
(٢) كذا فى هـ. وفى م، وسبل الهدى والرشاد ١:٤٧٥ «أمرى» وبياض فى ت.
(٣) كذا فى الأصول. وفى الخصائص الكبرى ١:١٣٩، وسبل الهدى والرشاد ١:٤٧٥ «منه».