نفسى، ما لذى دهاك؟ قال: خيرا يا أماه؛ بينا أنا الساعة قائم مع إخوتى إذ أتانى رهط ثلاثة بيد أحدهم إبريق فضة، وفى يد الثانى طست من زمردة خضراء ماؤها ثلج، فأخذونى فانطلقوا بى إلى ذروة الجبل فأضجعونى على الجيل إضجاعا لطيفا، ثم شقّ من صدرى إلى عانتى. وأنا أنظر إليه-فلم أجد لذلك حسّا ولا ألما؛ ثم أدخل يده فى جوفى فأخرج أحشاء بطنى فغسلها بذلك الثلج، فأنعم غسلها، ثم أعادها. وقام الثانى وقال للأوّل: تنحّ فقد أنجزت ما وعدك الله به، فدنا منى فأدخل يده فى جوفى فانتزع قلبى وشقّه، فأخرج منه نكتة سوداء مملوءة بالدم فرمى بها وقال: هذا حظّ الشيطان منك يا حبيب الله، ثم حشاه بشئ كان معه. وردّه مكانه، ثم ختمه بخاتم من نور. فأنا الساعة أجد برد الخاتم فى عروقى ومفاصلى. وقام الثالث وقال: تنحيّا فقد أنجزتما أمر الله ﷿ فيه. ثم دنا الثالث منى فأمرّ بيده ما بين مفرق صدرى إلى منتهى عانتى [فالتأم الشق بإذن الله تعالى](١)، قال الملك: زنوه بعشرة من أمته. فوزنونى فرجحتهم، ثم قال: دعوه، ولو وزنتموه بأمته كلها لرجحهم. ثم أخذ بيدى فأنهضنى إنهاضا لطيفا، فأكبوا علىّ وقبلوا رأسى وما بين عينىّ، وقالوا: يا حبيب الله، إنك لن ترع، ولو تدرى ما يراد بك من الخير لقرّت عيناك. وتركونى قاعدا فى مكانى هذا. ثم جعلوا يطيرون حتى دخلوا حيال السماء. وأنا أنظر إليهم.
ولو شئت لأريتك موضع دخولهم. فاحتملته فأتيت به منزلا من منازل