للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المدة لم يكن عليه شي كَسَائِرِ الْأَيْمَانِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي ثَوْرٍ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ: الْإِيلَاءُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ. قَالَ الْكُوفِيُّونَ: جَعَلَ اللَّهُ التَّرَبُّصَ فِي الْإِيلَاءِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ كَمَا جَعَلَ عِدَّةَ الْوَفَاةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَفِي الْعِدَّةِ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ، فَلَا تَرَبُّصَ بَعْدُ. قَالُوا: فَيَجِبُ بَعْدَ الْمُدَّةِ سقوط الإيلاء، ولا يسقط إلا بألفي وَهُوَ الْجِمَاعُ فِي دَاخِلِ الْمُدَّةِ، وَالطَّلَاقُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ. وَاحْتَجَّ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فَقَالَا: جَعَلَ اللَّهُ لِلْمُولِي أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَهِيَ لَهُ بِكَمَالِهَا لَا اعْتِرَاضَ لِزَوْجَتِهِ عَلَيْهِ فِيهَا، كَمَا أَنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ لَا يَسْتَحِقُّ صَاحِبُهُ الْمُطَالَبَةَ بِهِ إِلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْأَجَلِ. وَوَجْهُ قَوْلِ إِسْحَاقَ- فِي قَلِيلِ الْأَمَدِ يَكُونُ صَاحِبُهُ بِهِ مُولِيًا إِذَا لَمْ يَطَأْ- الْقِيَاسُ عَلَى مَنْ حَلَفَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا، لِأَنَّهُ قَصَدَ الْإِضْرَارَ بِالْيَمِينِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْمُدَّةِ الْقَصِيرَةِ. السَّابِعَةُ- وَاخْتَلَفُوا أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَلَّا يَطَأَ امْرَأَتَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَانْقَضَتِ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرُ وَلَمْ تُطَالِبْهُ امْرَأَتُهُ وَلَا رَفَعَتْهُ إِلَى السُّلْطَانِ لِيُوقِفَهُ، لم يلزمه شي عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَمِنْ عُلَمَائِنَا مَنْ يَقُولُ: يَلْزَمُهُ بِانْقِضَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ. وَمِنْهُمْ وَمِنْ غَيْرِهِمْ مَنْ يَقُولُ: يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ بِانْقِضَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ. وَالصَّحِيحُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُولِيَ لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ حَتَّى يُوقِفَهُ السُّلْطَانُ بمطالبة زوجنه له ليفي فيراجع امرأته بالوطي وَيُكَفِّرُ يَمِينَهُ أَوْ يُطَلِّقُ، وَلَا يَتْرُكُهُ حَتَّى يفئ أَوْ يُطَلِّقَ. وَالْفَيْءُ: الْجِمَاعُ فِيمَنْ يُمْكِنُ مُجَامَعَتُهَا. قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ: كَانَ تِسْعَةُ «١» رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوقَفُونَ فِي الْإِيلَاءِ، قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا، وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. الثَّامِنَةُ- وَأَجَلُ المولى من يوم حلف لأمن يَوْمِ تَخَاصُمِهِ امْرَأَتَهُ وَتَرْفَعُهُ إِلَى الْحَاكِمِ، فَإِنْ خاصمته ولم ترض بامتناعه من الوطي ضَرَبَ لَهُ السُّلْطَانُ «٢» أَجَلَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يوم حلف،


(١). في ب:" كان تسعة عشر رجلا ... ".
(٢). في ب: الحاكم.