للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّامُ لَامُ كَيْ. وَالْإِرْدَاءُ الْإِهْلَاكُ. (وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمُ) الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ. أَيْ يَأْمُرُونَهُمْ بِالْبَاطِلِ وَيُشَكِّكُونَهُمْ فِي دِينِهِمْ. وَكَانُوا عَلَى دِينِ إِسْمَاعِيلَ، وَمَا كَانَ فِيهِ «١» قَتْلُ الْوَلَدِ، فَيَصِيرُ الْحَقُّ مُغَطًّى عَلَيْهِ، فَبِهَذَا يَلْبِسُونَ. (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ) بَيَّنَ (تَعَالَى) ١ (أَنَّ كُفْرَهُمْ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ. وَهُوَ رَدٌّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ.) فَذَرْهُمْ وَمَا يفترون) يريد قولهم إن لله شركاء.

[[سورة الأنعام (٦): آية ١٣٨]]

وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُها إِلاَّ مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وَأَنْعامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِراءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ (١٣٨)

ذَكَرَ (تَعَالَى) نوعا آخر جَهَالَتِهِمْ. وَقَرَأَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ" حُجُرٌ" بِضَمِّ الْحَاءِ وَالْجِيمِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ" حَجْرٌ" بِفَتْحِ الْحَاءِ وَإِسْكَانِ الْجِيمِ، لُغَتَانِ بِمَعْنًى. وَعَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا" حُجْرٌ" بِضَمِّ الْحَاءِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ هَارُونَ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ يَضُمُّ الْحَاءَ فِي" حِجْرٍ" فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ إِلَّا فِي قَوْلِهِ:" بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً «٢» " فَإِنَّهُ كَانَ يَكْسِرُهَا ها هنا. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ" وَحَرْثٌ حِرْجٌ" الرَّاءُ قَبْلَ الْجِيمِ، وَكَذَا فِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ، وَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مِثْلُ جَبَذَ وَجَذَبَ. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ- وَهُوَ أَصَحُّ- أَنَّهُ مِنَ الْحِرْجِ، فَإِنَّ الْحِرْجَ (بِكَسْرِ الْحَاءِ) لُغَةٌ فِي الْحَرَجِ (بِفَتْحِ الْحَاءِ) وَهُوَ الضِّيقُ وَالْإِثْمُ، فَيَكُونُ معناه الحرام. ومنفلان يَتَحَرَّجُ أَيْ يُضَيِّقُ عَلَى نَفْسِهِ الدُّخُولَ فِيمَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ مِنَ الْحَرَامِ. وَالْحِجْرُ: لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ. وَهُوَ هُنَا بِمَعْنَى الْحَرَامِ، وَأَصْلُهُ الْمَنْعُ. وَسُمِّيَ الْعَقْلُ حِجْرًا لِمَنْعِهِ عَنِ الْقَبَائِحِ. وَفُلَانٌ فِي حِجْرِ الْقَاضِي أَيْ مَنْعِهِ. حَجَرْتُ عَلَى الصَّبِيِّ حَجْرًا. وَالْحِجْرُ الْعَقْلُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ «٣» " وَالْحِجْرِ الْفَرَسُ الْأُنْثَى. وَالْحِجْرُ الْقَرَابَةُ. قَالَ:

يُرِيدُونَ أَنْ يُقْصُوهُ عَنِّي وَإِنَّهُ ... لَذُو حَسَبٍ دَانٍ إِلَيَّ وَذُو حِجْرٍ

وَحِجْرُ الْإِنْسَانِ وَحَجْرُهُ لُغَتَانِ، وَالْفَتْحُ أَكْثَرُ. أَيْ حَرَّمُوا أَنْعَامًا وَحَرْثًا وَجَعَلُوهَا لِأَصْنَامِهِمْ وَقَالُوا: (لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ) وَهُمْ خُدَّامُ الْأَصْنَامِ. ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ هَذَا تَحَكُّمٌ لَمْ يرد به


(١). في ك: فيهم.
(٢). راجع ج ١٣ ص ٥٨.
(٣). راجع ج ٢٠ ص ٤٢.