للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لطفه وإمهاله. (لَكُنْتُمْ) جواب" فَلَوْلا". (مِنَ الْخاسِرِينَ) خَبَرُ كُنْتُمْ. وَالْخُسْرَانُ: النُّقْصَانُ، وَقَدْ تقدم «١». وقيل: فضله قبول التوبة، و" رَحْمَتُهُ" الْعَفْوُ. وَالْفَضْلُ: الزِّيَادَةُ عَلَى مَا وَجَبَ. وَالْإِفْضَالُ: فِعْلُ مَا لَمْ يَجِبْ. قَالَ ابْنُ فَارِسٍ فِي الْمُجْمَلِ: الْفَضْلُ الزِّيَادَةُ وَالْخَيْرُ، وَالْإِفْضَالُ: الْإِحْسَانُ.

[تفسير]

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ (٦٥) فِيهِ سَبْعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ) " عَلِمْتُمُ" مَعْنَاهُ عَرَفْتُمْ أَعْيَانَهُمْ. وَقِيلَ: عَلِمْتُمْ أَحْكَامَهُمْ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَعْرِفَةَ مُتَوَجِّهَةٌ إِلَى ذَاتِ الْمُسَمَّى. وَالْعِلْمُ مُتَوَجِّهٌ إِلَى أَحْوَالِ الْمُسَمَّى. فَإِذَا قُلْتَ: عَرَفْتُ زَيْدًا، فَالْمُرَادُ شَخْصُهُ. وَإِذَا قُلْتَ: عَلِمْتُ زَيْدًا، فَالْمُرَادُ بِهِ الْعِلْمُ بِأَحْوَالِهِ مِنْ فَضْلٍ وَنَقْصٍ. فَعَلَى الْأَوَّلِ يَتَعَدَّى الْفِعْلُ إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ:" عَلِمْتُمُ" بِمَعْنَى عَرَفْتُمْ. وَعَلَى الثَّانِي إِلَى مَفْعُولَيْنِ. وَحَكَى الْأَخْفَشُ: وَلَقَدْ عَلِمْتُ زَيْدًا وَلَمْ أَكُنْ أَعْلَمُهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ:" لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ" [الأنفال: ٦٠]. كُلُّ هَذَا بِمَعْنَى الْمَعْرِفَةِ، فَاعْلَمْ." الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ" [البقرة: ٦٥] صِلَةُ" الَّذِينَ". وَالِاعْتِدَاءُ. التَّجَاوُزُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ «٢». الثَّانِيَةُ- رَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ: قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيِّ. فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: لَا تَقُلْ نَبِيٌّ لَوْ سَمِعَكَ! فَإِنَّ لَهُ أَرْبَعَةَ أَعْيُنٍ «٣». فَأَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَأَلَاهُ عَنْ تِسْعِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ، فَقَالَ لَهُمْ: (لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا تمشوا ببري إِلَى سُلْطَانٍ وَلَا تَسْحَرُوا وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا وَلَا تَقْذِفُوا الْمُحْصَنَةَ وَلَا تُوَلُّوا يَوْمَ الزَّحْفِ وَعَلَيْكُمْ خَاصَّةُ يَهُودَ أَلَّا تَعْدُوَا فِي السَّبْتِ (. فَقَبَّلُوا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ. قال:) فما


(١). راجع ص ٢٤٨.
(٢). راجع ص ٤٣٢.
(٣). الذي في نسخة النسائي: (لو سمعك كان له أربعة أعين) مع تأنيث العدد أيضا.