للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رُوِيَ مَعْنَاهُ عَنْ قَتَادَةَ وَغَيْرِهِ. قَالَ الضَّحَّاكُ: الْأَعْمَى وَالْأَصَمُّ مَثَلٌ لِلْكَافِرِ، وَالسَّمِيعُ وَالْبَصِيرُ مَثَلٌ لِلْمُؤْمِنِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ، وَهَلْ يَسْتَوِي الْأَصَمُّ وَالسَّمِيعُ. (مَثَلًا) مَنْصُوبٌ عَلَى التمييز «١». (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) في الوصفين وتنظرون.

[سورة هود (١١): الآيات ٢٥ الى ٢٦]

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٥) أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٢٦)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) ذَكَرَ سُبْحَانَهُ قَصَصَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنْبِيهًا لَهُ عَلَى مُلَازَمَةِ الصَّبْرِ عَلَى أَذَى الْكُفَّارِ إِلَى أَنْ يَكْفِيَهُ الله أمرهم. (إِنِّي) أَيْ فَقَالَ: إِنِّي، لِأَنَّ فِي الْإِرْسَالِ مَعْنَى الْقَوْلِ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ" أَنِّي" بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، أَيْ أَرْسَلْنَاهُ بِأَنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ. وَلَمْ يَقُلْ" إِنَّهُ" لِأَنَّهُ رَجَعَ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى خِطَابِ نُوحٍ لِقَوْمِهِ «٢»، كَمَا قَالَ:" وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ" [الأعراف: ١٤٥] ثم قال:" فَخُذْها بِقُوَّةٍ" «٣» [الأعراف ١٤٥]. قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ) أَيِ اتْرُكُوا الْأَصْنَامَ فَلَا تَعْبُدُوهَا، وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَحْدَهُ. وَمَنْ قَرَأَ" إِنِّي" بِالْكَسْرِ جَعَلَهُ مُعْتَرِضًا فِي الْكَلَامِ، وَالْمَعْنَى أَرْسَلْنَاهُ بِأَلَّا تَعْبُدُوا [إِلَّا اللَّهَ]. (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ).

[[سورة هود (١١): آية ٢٧]]

فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَراكَ إِلاَّ بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ (٢٧)

فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَقالَ الْمَلَأُ) قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ: الْمَلَأُ الرُّؤَسَاءُ، أَيْ هُمْ مَلِيئُونَ بِمَا يَقُولُونَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي" الْبَقَرَةِ" «٤» وَغَيْرِهَا. (مَا نَراكَ إِلَّا بَشَراً)


(١). في ع، ى: على التفسير.
(٢). قال ابن عطية: وفى هذا نظر، وإنما هي حكاية مخاطبة لقومه، وليس هذا حقيقة الخروج من غيبة إلى مخاطبة، ولو كان الكلام أن أنذرهم أو نحوه لصح ذلك.
(٣). راجع ج ٧ ص ٢٨٠.
(٤). راجع ج ٣ ص ٢٤٣