للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَدِيدَةٌ. وَرَعْدٌ قَاصِفٌ: شَدِيدُ الصَّوْتِ. يُقَالُ: قَصَفَ الرَّعْدُ وَغَيْرُهُ قَصِيفًا. وَالْقَصِيفُ: هَشِيمُ الشَّجَرِ. وَالتَّقَصُّفُ التَّكَسُّرُ. وَالْقَصْفُ أَيْضًا: اللَّهْوُ وَاللَّعِبُ، يُقَالُ: إِنَّهَا مُوَلَّدَةٌ. (فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ) أَيْ بِكُفْرِكُمْ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو" نَخْسِفَ بِكُمْ"" أَوْ نُرْسِلَ عَلَيْكُمْ"" أَنْ نُعِيدَكُمْ"" فَنُرْسِلَ عَلَيْكُمْ"" فَنُغْرِقَكُمْ" بِالنُّونِ فِي الْخَمْسَةِ عَلَى التَّعْظِيمِ، لِقَوْلِهِ:" عَلَيْنا" الْبَاقُونَ بِالْيَاءِ، لِقَوْلِهِ فِي الْآيَةِ قَبْلُ:" إِيَّاهُ". وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةَ وَرُوَيْسٍ وَمُجَاهِدٍ" فَتُغْرِقَكُمْ" بِالتَّاءِ نَعْتًا لِلرِّيحِ. وَعَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ" فَيُغْرِقَكُمْ" بِالْيَاءِ مَعَ التَّشْدِيدِ فِي الرَّاءِ. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ" الرِّيَاحِ" هُنَا وَفِي كُلِّ الْقُرْآنِ. وَقِيلَ: إِنَّ الْقَاصِفَ الْمُهْلِكَةُ فِي الْبَرِّ، وَالْعَاصِفَ الْمُغْرِقَةُ فِي الْبَحْرِ، حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ. (ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً) قَالَ مُجَاهِدٌ: ثَائِرًا. النَّحَّاسُ: وَهُوَ مِنَ الثَّأْرِ. وَكَذَلِكَ يُقَالُ لِكُلِّ مَنْ طُلِبَ بِثَأْرٍ أَوْ غَيْرِهِ: تَبِيعٌ وَتَابِعٌ، ومنه" فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ «١» " أي مطالبة.

[[سورة الإسراء (١٧): آية ٧٠]]

وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً (٧٠)

فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ «٢»: الْأُولَى- قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) لَمَّا ذَكَرَ مِنَ التَّرْهِيبِ مَا ذَكَرَ بَيَّنَ النِّعْمَةَ عَلَيْهِمْ أَيْضًا." كَرَّمْنا" تَضْعِيفُ كَرَمَ، أَيْ جَعَلْنَا لَهُمْ كَرَمًا أَيْ شَرَفًا وَفَضْلًا. وَهَذَا هُوَ كَرَمُ نَفْيِ النُّقْصَانِ لَا كَرَمَ الْمَالِ. وَهَذِهِ الْكَرَامَةُ يَدْخُلُ فِيهَا خَلْقُهُمْ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ فِي امْتِدَادِ الْقَامَةِ وَحُسْنِ الصُّورَةِ، وَحَمْلُهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ مِمَّا لَا يَصِحُّ لِحَيَوَانٍ سِوَى بَنِي آدَمَ أَنْ يَكُونَ يَتَحَمَّلُ بِإِرَادَتِهِ وَقَصْدِهِ وَتَدْبِيرِهِ. وَتَخْصِيصِهِمْ بِمَا خَصَّهُمْ بِهِ مِنَ الْمَطَاعِمِ وَالْمَشَارِبِ وَالْمَلَابِسِ، وَهَذَا لَا يَتَّسِعُ فِيهِ حَيَوَانٌ اتِّسَاعَ بَنِي آدَمَ، لِأَنَّهُمْ يَكْسِبُونَ الْمَالَ خَاصَّةً دُونَ الْحَيَوَانِ، وَيَلْبَسُونَ الثِّيَابَ وَيَأْكُلُونَ الْمُرَكَّبَاتِ مِنَ الْأَطْعِمَةِ. وَغَايَةُ كُلِّ حَيَوَانٍ يَأْكُلُ لَحْمًا نيئا أو طعاما غير


(١). راجع ج ٢ ص ٢٤٤.
(٢). يلاحظ أن المسائل أربع.