للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَبُو مُقَاتِلٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِي سَهْلٍ «١» عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَرْبَعُ عُيُونٍ فِي الْجَنَّةِ عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ إِحْدَاهُمَا الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً [وَالْأُخْرَى الزَّنْجَبِيلُ «٢»] وَالْأُخْرَيَانِ نَضَّاخَتَانِ مِنْ فَوْقِ الْعَرْشِ إِحْدَاهُمَا الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ [عَيْناً فِيها تُسَمَّى «٣»] سَلْسَبِيلًا وَالْأُخْرَى التَّسْنِيمُ ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ فِي" نَوَادِرِ الْأُصُولِ". وَقَالَ: فَالتَّسْنِيمُ لِلْمُقَرَّبِينَ خَاصَّةً شُرْبًا لَهُمْ، وَالْكَافُورُ لِلْأَبْرَارِ شُرْبًا لَهُمْ، يُمْزَجُ لِلْأَبْرَارِ مِنَ التَّسْنِيمِ شَرَابُهُمْ، وَأَمَّا الزَّنْجَبِيلُ وَالسَّلْسَبِيلُ فَلِلْأَبْرَارِ مِنْهَا مِزَاجٌ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي التَّنْزِيلِ وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِ ذَلِكَ لِمَنْ هِيَ شُرْبٌ، فَمَا كان للأبرار مزاج فهو للمقربين صرف، وما كان للأبرار صرف فَهُوَ لِسَائِرِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِزَاجٌ. وَالْأَبْرَارُ هُمُ الصادقون، والمقربون: هم الصديقون.

[سورة الإنسان (٧٦): الآيات ٧ الى ٩]

يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (٧) وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (٨) إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً (٩)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) أَيْ لَا يُخْلِفُونَ إِذَا نَذَرُوا. وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ: بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْوَاجِبَاتِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ: يُوفُونَ إِذَا نَذَرُوا فِي حَقِّ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَالْجُرْجَانِيُّ: وَفِي الْكَلَامِ إِضْمَارٌ، أَيْ كَانُوا يُوفُونَ بِالنَّذْرِ فِي الدُّنْيَا. وَالْعَرَبُ قَدْ تَزِيدُ مَرَّةً كانَ وَتَحْذِفُ أُخْرَى. وَالنَّذْرُ: حَقِيقَتُهُ مَا أَوْجَبَهُ المكلف على نفسه من شي يَفْعَلُهُ. وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ فِي حَدِّهِ: النَّذْرُ: هُوَ إِيجَابُ الْمُكَلَّفِ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الطَّاعَاتِ مَا لَوْ لَمْ يُوجِبْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ أَيْ يُتَمِّمُونَ الْعُهُودَ وَالْمَعْنَى واحد، وقد قال الله تعالى:


(١). هذا السند في الأصول: أبو مقاتل عن صالح بن سعيد عن أبي سهل إلخ وصوبناه من التذكرة للقرطبي.
(٢). الزيادة من الدر المنثور.
(٣). الزيادة من التذكرة والدر المنثور.