للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فِي شَأْنِ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ ابْتَلَاكُمْ. ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ، وَاخْتَارَهُ الْكِسَائِيُّ. (مُطَهَّرَةٌ) نَعْتٌ لِلْأَزْوَاجِ. وَمُطَهَّرَةٌ فِي اللُّغَةِ أَجْمَعُ مِنْ طَاهِرَةٍ وَأَبْلَغُ، وَمَعْنَى هَذِهِ الطَّهَارَةُ مِنَ الْحَيْضِ والبصاق وسائر أقذار الآدميات. ذكر عبد الرازق قَالَ أَخْبَرَنِي الثَّوْرِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ:" مُطَهَّرَةٌ" قَالَ: لَا يَبُلْنَ وَلَا يَتَغَوَّطْنَ وَلَا يَلِدْنَ وَلَا يَحِضْنَ وَلَا يُمْنِينَ وَلَا يَبْصُقْنَ. وَقَدْ أَتَيْنَا عَلَى هَذَا كُلِّهِ فِي وَصْفِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَصِفَةِ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا مِنْ كِتَابِ التَّذْكِرَةِ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. (وَهُمْ فِيها خالِدُونَ) ... " لَهُمْ" مُبْتَدَأٌ." خالِدُونَ" خَبَرُهُ، وَالظَّرْفُ مُلْغًى. وَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ نَصْبُ خَالِدِينَ عَلَى الْحَالِ. وَالْخُلُودُ: الْبَقَاءُ وَمِنْهُ جَنَّةُ الْخُلْدِ. وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ مَجَازًا فِيمَا يَطُولُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الدُّعَاءِ: خَلَّدَ اللَّهُ مُلْكَهُ أَيْ طَوَّلَهُ. قَالَ زُهَيْرٌ:

أَلَا لَا أَرَى عَلَى الْحَوَادِثِ بَاقِيًا ... وَلَا خَالِدًا إِلَّا الْجِبَالَ الرَّوَاسِيَا

وَأَمَّا الَّذِي فِي الْآيَةِ فهو أبدي حقيقة.

[[سورة البقرة (٢): آية ٢٦]]

إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفاسِقِينَ (٢٦)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ: لَمَّا ضَرَبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ هَذَيْنَ الْمَثَلَيْنِ لِلْمُنَافِقِينَ: يَعْنِي" مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً" [البقرة: ١٧] وقوله:" أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ" [البقرة: ١٩] قَالُوا: اللَّهُ أَجَلُّ وَأَعْلَى مِنْ أَنْ يَضْرِبَ الْأَمْثَالَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ. وَفِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ آلِهَةَ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ:" وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لَا يَسْتَنْقِذُوهُ «١» مِنْهُ" [الحج: ٧٣] وذكر كيد الآلهة


(١). راجع ج ١٢ ص ٩٧