[[سورة الأنفال (٨): آية ٣٠]]
وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (٣٠)
هَذَا إِخْبَارٌ بِمَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ الْمَكْرِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَارِ النَّدْوَةِ، فَاجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى قتله فبيتوه، ورصدوه على باب منزل طُولَ لَيْلَتِهِمْ لِيَقْتُلُوهُ إِذَا خَرَجَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يَنَامَ عَلَى فِرَاشِهِ، وَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُعَمِّيَ عَلَيْهِمْ أَثَرَهُ، فَطَمَسَ اللَّهُ عَلَى أَبْصَارِهِمْ، فَخَرَجَ وَقَدْ غَشِيَهُمُ النَّوْمُ، فوضع على رؤوسهم تُرَابًا وَنَهَضَ. فَلَمَّا أَصْبَحُوا خَرَجَ عَلَيْهِمْ عَلِيٌّ فَأَخْبَرَهُمْ أَنْ لَيْسَ فِي الدَّارِ أَحَدٌ، فَعَلِمُوا أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَاتَ وَنَجَا. الْخَبَرُ مَشْهُورٌ فِي السِّيرَةِ وَغَيْرِهَا. وَمَعْنَى" لِيُثْبِتُوكَ ٣٠" لِيَحْبِسُوكَ، يُقَالُ: أَثْبَتُّهُ إِذَا حَبَسْتُهُ. وَقَالَ قَتَادَةُ:" لِيُثْبِتُوكَ ٣٠" وِثَاقًا. وَعَنْهُ أَيْضًا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ: لِيَسْجِنُوكَ. وَقَالَ أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ وَأَبُو حَاتِمٍ: لِيُثْخِنُوكَ بِالْجِرَاحَاتِ وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ. قَالَ الشَّاعِرُ:
فَقُلْتُ وَيْحَكُمَا مَا فِي صَحِيفَتِكُمْ ... قَالُوا الْخَلِيفَةُ أَمْسَى مُثْبَتًا وَجِعَا
(أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ) ٣٠ عَطْفٌ. (وَيَمْكُرُونَ) ٣٠ مُسْتَأْنَفٌ. وَالْمَكْرُ: التَّدْبِيرُ فِي الْأَمْرِ فِي خِفْيَةٍ. (وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) ابْتِدَاءٌ وَخَبَرٌ. وَالْمَكْرُ مِنَ اللَّهِ هُوَ جَزَاؤُهُمْ بِالْعَذَابِ عَلَى مَكْرِهِمْ مِنْ حَيْثُ لَا يشعرون.
[[سورة الأنفال (٨): آية ٣١]]
وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٣١)
نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ، كَانَ خَرَجَ إِلَى الْحِيرَةِ فِي التِّجَارَةِ فَاشْتَرَى أَحَادِيثَ كَلِيلَةَ وَدِمْنَةَ، وَكِسْرَى وَقَيْصَرَ، فَلَمَّا قَصَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَارَ مَنْ مَضَى قَالَ النَّضْرُ: لَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ مِثْلَ هَذَا. وَكَانَ هَذَا وَقَاحَةً وَكَذِبًا. وَقِيلَ: إِنَّهُمْ تَوَهَّمُوا أَنَّهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute