وَالضَّحَّاكُ. بِالْكُفْرِ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ رُقَيَّةَ «١» عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَتِ امْرَأَةُ نُوحٍ تَقُولُ لِلنَّاسِ إِنَّهُ مَجْنُونٌ. وَكَانَتِ امْرَأَةُ لُوطٍ تُخْبِرُ بِأَضْيَافِهِ. وَعَنْهُ: مَا بَغَتِ امْرَأَةُ نَبِيٍّ قَطُّ. وَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ فِيمَا ذَكَرَ الْقُشَيْرِيُّ. إِنَّمَا كَانَتْ خِيَانَتُهُمَا فِي الدِّينِ وَكَانَتَا مُشْرِكَتَيْنِ. وَقِيلَ: كَانَتَا مُنَافِقَتَيْنِ. وَقِيلَ: خِيَانَتُهُمَا النَّمِيمَةُ إِذَا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِمَا شَيْئًا أَفْشَتَاهُ إِلَى الْمُشْرِكِينَ، قَالَهُ الضَّحَّاكُ. وَقِيلَ: كَانَتِ امْرَأَةُ لُوطٍ إِذَا نَزَلَ بِهِ ضَيْفٌ دَخَّنَتْ لِتُعْلِمَ قَوْمَهَا أَنَّهُ قَدْ نَزَلَ بِهِ ضَيْفٌ، لِمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ إِتْيَانِ الرِّجَالِ. (فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً) أَيْ لَمْ يَدْفَعْ نُوحٌ وَلُوطٌ مَعَ كَرَامَتِهِمَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى عَنْ زَوْجَتَيْهِمَا- لَمَّا عَصَتَا- شَيْئًا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، تَنْبِيهًا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْعَذَابَ يُدْفَعُ بِالطَّاعَةِ لَا بِالْوَسِيلَةِ. وَيُقَالُ: إِنَّ كُفَّارَ مَكَّةَ اسْتَهْزَءُوا وَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْفَعُ لَنَا، فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ شَفَاعَتَهُ لَا تَنْفَعُ كُفَّارَ مَكَّةَ وَإِنْ كَانُوا أَقْرِبَاءَ، كَمَا لَا تَنْفَعُ شَفَاعَةُ نُوحٍ لِامْرَأَتِهِ وَشَفَاعَةُ لُوطٍ لِامْرَأَتِهِ، مَعَ قُرْبِهِمَا لَهُمَا لِكُفْرِهِمَا. وَقِيلَ لَهُمَا: ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ فِي الْآخِرَةِ، كَمَا يُقَالُ لِكُفَّارِ مَكَّةَ وَغَيْرِهِمْ. ثُمَّ قِيلَ: يَجُوزُ أَنْ تكون امْرَأَتَ نُوحٍ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ: مَثَلًا عَلَى تَقْدِيرِ حذف المضاف، أي ضرب الله مثلا مثل امرأة نوح. ويجوز أن يكونا مفعولين.
[[سورة التحريم (٦٦): آية ١١]]
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (١١)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ) وَاسْمُهَا آسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ. قَالَ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ: قَوْلُهُ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ يُحَذِّرَ بِهِ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ فِي الْمُخَالَفَةِ حِينَ تَظَاهَرَتَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ضَرَبَ لهما مثلا بامرأة فرعون ومريم بنة عِمْرَانَ، تَرْغِيبًا فِي التَّمَسُّكِ بِالطَّاعَةِ وَالثَّبَاتِ عَلَى الدين.
(١). في ل:" قتة". وفى تفسير الطبري:" قيس". [ ..... ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute