للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثَّامِنَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَما ظَلَمُونا) يُقَدَّرُ قَبْلَهُ فَعَصَوْا وَلَمْ يُقَابِلُوا النِّعَمَ بِالشُّكْرِ. (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) لمقابلتهم النعم بالمعاصي.

[[سورة البقرة (٢): آية ٥٨]]

وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (٥٨)

فِيهِ تِسْعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ) حُذِفَتِ الْأَلِفُ مِنْ" قُلْنَا" لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ الدَّالِ بَعْدَهَا وَالْأَلِفُ الَّتِي يُبْتَدَأُ بِهَا قَبْلَ الدَّالِ أَلِفُ وَصْلٍ لِأَنَّهُ مِنْ يَدْخُلُ. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (هذِهِ الْقَرْيَةَ) أَيْ الْمَدِينَةَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَقَرَّتْ أَيْ اجْتَمَعَتْ وَمِنْهُ قَرَيْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ أَيْ جَمَعْتُهُ وَاسْمُ ذَلِكَ الْمَاءِ قِرًى (بِكَسْرِ الْقَافِ) مَقْصُورٌ. وَكَذَلِكَ مَا قُرِيَ بِهِ الضَّيْفُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. وَالْمِقْرَاةُ لِلْحَوْضِ. وَالْقَرِيُّ لِمَسِيلِ الْمَاءِ. وَالْقَرَا لِلظَّهْرِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ «١»:

لَاحِقُ بَطْنٍ بِقَرًا سَمِينِ

وَالْمَقَارِي: الْجِفَانُ الْكِبَارُ قَالَ:

عِظَامُ الْمَقَارِي ضَيْفُهُمْ لَا يُفَزَّعُ

وَوَاحِدُ الْمَقَارِي مِقْرَاةٌ وَكُلُّهُ بِمَعْنَى الْجَمْعِ غَيْرُ مَهْمُوزٍ. وَالْقِرْيَةُ (بِكَسْرِ الْقَافِ) لُغَةُ الْيَمَنِ. وَاخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِهَا فَقَالَ الْجُمْهُورُ: هِيَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ. وَقِيلَ: أَرِيحَاءُ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. قَالَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ: كَانَتْ قَاعِدَةَ وَمَسْكَنَ مُلُوكٍ. ابْنُ كَيْسَانَ الشَّامُ. الضَّحَّاكُ: الرَّمْلَةُ وَالْأُرْدُنُّ وَفِلَسْطِينُ وَتَدْمُرُ. وَهَذِهِ نِعْمَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّهُ أَبَاحَ لهم دخول البلدة وأزال عنهم التيه.


(١). هو حميد الأرقط. وصف فرسا بضمور البطن ثم نفى أن تكون ضمره من هزال فقال: (بقرا سمين). واللاحق الضامر. (عن شرح الشواهد).