للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَحَنْتُ لَهُ (بِالْفَتْحِ) أَلْحَنُ لَحْنًا إِذَا قُلْتَ لَهُ قَوْلًا يَفْهَمُهُ عَنْكَ وَيَخْفَى عَلَى غَيْرِهِ. وَلَحِنَهُ هُوَ عَنِّي (بِالْكَسْرِ) يَلْحَنُهُ لَحْنًا أَيْ فَهِمَهُ. وَأَلْحَنْتُهُ أَنَا إِيَّاهُ، وَلَاحَنْتُ النَّاسَ فَاطَنْتُهُمْ، قَالَ الْفَزَارِيُّ:

وَحَدِيثٍ أَلَذُّهُ هُوَ مِمَّا ... يَنْعَتُ النَّاعِتُونَ يُوزَنُ وَزْنَا

مَنْطِقٌ رَائِعٌ وَتَلْحَنُ أَحْيَا ... نًا وَخَيْرُ الْحَدِيثِ مَا كَانَ لَحْنًا

يُرِيدُ أَنَّهَا تَتَكَلَّمُ] بِشَيْءٍ [وَهِيَ تُرِيدُ غَيْرَهُ، وَتُعَرِّضُ فِي حَدِيثِهَا فَتُزِيلُهُ عَنْ جِهَتِهِ مِنْ فِطْنَتِهَا وَذَكَائِهَا. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:" وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ". وَقَالَ الْقَتَّالُ الْكِلَابِيُّ:

وَلَقَدْ وَحَيْتُ «١» لَكُمْ لِكَيْمَا تَفْهَمُوا ... وَلَحَنْتُ لَحْنًا لَيْسَ بِالْمُرْتَابِ

وَقَالَ مَرَّارٌ الْأَسَدِيُّ:

وَلَحَنْتُ لَحْنًا فِيهِ غِشٌّ وَرَابَنِي ... صُدُودُكِ تُرْضِينَ الْوُشَاةَ الْأَعَادِيَا

قَالَ الْكَلْبِيُّ: فَلَمْ يَتَكَلَّمْ بَعْدَ نُزُولِهَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَافِقٌ إِلَّا عَرَفَهُ. وَقِيلَ: كَانَ الْمُنَافِقُونَ يُخَاطِبُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلَامٍ تَوَاضَعُوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْمَعُ ذَلِكَ وَيَأْخُذُ بِالظَّاهِرِ الْمُعْتَادِ، فَنَبَّهَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، فَكَانَ بَعْدَ هَذَا يَعْرِفُ الْمُنَافِقِينَ إِذَا سَمِعَ كَلَامَهُمْ. قَالَ أَنَسٌ: فَلَمْ يَخْفَ مُنَافِقٌ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَرَّفَهُ اللَّهُ ذَلِكَ بِوَحْيٍ أَوْ عَلَامَةٍ عَرَفَهَا بِتَعْرِيفِ اللَّهِ إِيَّاهُ." وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ" أَيْ لَا يخفى عليه شيء منها.

[[سورة محمد (٤٧): آية ٣١]]

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ (٣١)

قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ" أَيْ نَتَعَبَّدَكُمْ بِالشَّرَائِعِ وَإِنْ عَلِمْنَا عَوَاقِبَ الْأُمُورِ. وَقِيلَ: لَنُعَامِلَنَّكُمْ مُعَامَلَةَ الْمُخْتَبَرِينَ." حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ" عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:" حَتَّى نَعْلَمَ" حَتَّى نُمَيِّزَ. وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ." حَتَّى نَعْلَمَ" حتى نرى. وقد مضى


(١). في اللسان:" لحنت".