للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلَمَّا رَفَعْتَنِي إِلَى السَّمَاءِ. قَالَ الْحَسَنُ: الْوَفَاةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: وَفَاةُ الْمَوْتِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:" اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها" «١»] الزمر: ٤٢] يَعْنِي وَقْتَ انْقِضَاءِ أَجَلِهَا. وَوَفَاةَ النَّوْمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ" «٢»] الانعام: ٦٠] يَعْنِي الَّذِي يُنِيمُكُمْ. وَوَفَاةَ الرَّفْعِ قَالَ اللَّهُ تعالى:" يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ" «٣»] آل عمران: ٥٥].] وَقَوْلُهُ [«٤» " كُنْتَ أَنْتَ"] " أَنْتَ هُنَا" [«٥» تَوْكِيدُ" الرَّقِيبَ" خَبَرُ" كُنْتُ" وَمَعْنَاهُ الْحَافِظُ عَلَيْهِمْ وَالْعَالِمُ بِهِمْ وَالشَّاهِدُ عَلَى أَفْعَالِهِمْ، وَأَصْلُهُ الْمُرَاقَبَةُ أَيْ الْمُرَاعَاةُ وَمِنْهُ الْمَرْقَبَةُ «٦» لِأَنَّهَا فِي مَوْضِعِ الرَّقِيبِ مِنْ علو المكان. (وأنت على كل شي شَهِيدٌ) أَيْ مِنْ مَقَالَتِي وَمَقَالَتِهِمْ وَقِيلَ: عَلَى مَنْ عَصَى وَأَطَاعَ، خَرَّجَ مُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا بِمَوْعِظَةٍ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تُحْشَرُونَ إِلَى اللَّهِ [حُفَاةً] «٧» عُرَاةً غُرْلًا «٨» " كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ"] الأنبياء: ١٠٤] أَلَا وَإِنَّ أَوَّلَ الْخَلَائِقِ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَلَا وَإِنَّهُ سَيُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِي فَيُقَالُ إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ:" وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ. إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" قَالَ: فَيُقَالُ لِي إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا] مدبرين [«٩» مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم).

[[سورة المائدة (٥): آية ١١٨]]

إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)

قَوْلُهُ تَعَالَى:" إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ" شَرْطٌ وَجَوَابُهُ" وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" مِثْلُهُ. رَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِآيَةٍ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ «١٠»، وَالْآيَةُ:" إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ".


(١). راجع ج ١٥ ص ٢٦٠.
(٢). راجع ج ٧ ص ٥.
(٣). راجع ج ٤ ص ٩٩.
(٤). من ك. [ ..... ]
(٥). من ك.
(٦). في الأصول: الرقبة. والمثبت هو اللغة.
(٧). الزيادة عن صحيح مسلم.
(٨). غرل (جمع أغرل) أي غير مختونين والمراد- والله أعلم- إنهم يحشرون كما خلقوا لا شي معهم ولا ينقص منهم شي بل يتم لهم كل ما نقص منهم. (هامش مسلم).
(٩). من ك وهـ وب وع.
(١٠). أي يقرأ بآية يرددها في صلاته حتى أصبح.