للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الْجُمْعَةَ فَبِهَا وَنِعْمَتْ) أَيْ بِالْفِعْلَةِ وَالْخَصْلَةِ. قَالَ السُّدِّيُّ وَالضَّحَّاكُ وَالْكَلْبِيُّ: تَرْجِعُ إِلَى الْعَاقِرِ، أَيْ لَمْ يَخَفِ الَّذِي عَقَرَهَا عُقْبَى مَا صَنَعَ. وقال ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا. وَفِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، مَجَازُهُ: إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا. وَقِيلَ: لَا يَخَافُ رَسُولُ اللَّهِ صَالِحٌ عَاقِبَةَ إِهْلَاكِ قَوْمِهِ، وَلَا يَخْشَى ضَرَرًا يَعُودُ عَلَيْهِ مِنْ عَذَابِهِمْ، لِأَنَّهُ قَدْ أَنْذَرَهُمْ، وَنَجَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى حِينَ أَهْلَكَهُمْ. وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ" فَلَا" بِالْفَاءِ، وَهُوَ الْأَجْوَدُ، لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ، أَيْ فَلَا يَخَافُ اللَّهُ عَاقِبَةَ إِهْلَاكِهِمْ. وَالْبَاقُونَ بِالْوَاوِ، وَهِيَ أَشْبَهُ بِالْمَعْنَى الثَّانِي، أَيْ وَلَا يَخَافُ الْكَافِرُ عَاقِبَةَ مَا صَنَعَ. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَا: أَخْرَجَ إِلَيْنَا مَالِكٌ مُصْحَفًا لِجَدِّهِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ كَتَبَهُ فِي أَيَّامِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ حِينَ كَتَبَ الْمَصَاحِفَ، وَفِيهِ: وَلا يَخافُ بِالْوَاوِ. وَكَذَا هِيَ فِي مَصَاحِفِ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْعِرَاقِيِّينَ بِالْوَاوِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ، اتِّبَاعًا لمصحفهم.

[تفسير سورة والليل]

سورة" والليل" مَكِّيَّةٌ. وَقِيلَ: مَدَنِيَّةٌ. وَهِيَ إِحْدَى وَعِشْرُونَ آيَةً بإجماع بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الليل (٩٢): الآيات ١ الى ٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى (١) وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى (٢) وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٣) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) أَيْ يُغَطِّي. وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَهُ مَفْعُولًا لِلْعِلْمِ بِهِ. وَقِيلَ: يَغْشَى النَّهَارَ. وَقِيلَ: الْأَرْضَ. وقيل الخلائق. وقيل: يغشى كل شي بِظُلْمَتِهِ. وَرَوَى سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ النُّورُ وَالظُّلْمَةُ، ثُمَّ مَيَّزَ بَيْنَهُمَا، فَجَعَلَ الظُّلْمَةَ لَيْلًا أَسْوَدَ مُظْلِمًا، وَالنُّورَ نَهَارًا مُضِيئًا مُبْصِرًا. (وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) أَيْ إِذَا انْكَشَفَ وَوَضَحَ وَظَهَرَ، وَبَانَ بِضَوْئِهِ عَنْ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ. (وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) قَالَ الْحَسَنُ: مَعْنَاهُ وَالَّذِي خَلَقَ