للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ مِنَ الْأَخْذِ، مِثْلُ قَوْلِكَ: تَبِعَ وَاتَّبَعَ، وَتَقَى وَاتَّقَى. وَأَدْغَمَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ الذَّالَ فِي التَّاءِ، وَلَمْ يُدْغِمْهَا بَعْضُهُمْ. وَفِي حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: لَوْ شِئْتَ لَأُوتِيَتْ أَجْرًا (. وَهَذِهِ صَدَرَتْ مِنْ مُوسَى سُؤَالًا عَلَى جِهَةِ الْعَرْضِ لَا الِاعْتِرَاضِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ لَهُ الْخَضِرُ:" هَذَا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ" بِحُكْمِ مَا شَرَطْتَ عَلَى نَفْسِكَ. وَتَكْرِيرُهُ" بَيْنِي وَبَيْنِكَ" وَعُدُولُهُ عَنْ بَيْنِنَا لِمَعْنَى التَّأْكِيدِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: كَمَا يُقَالُ أَخْزَى اللَّهُ الْكَاذِبَ مِنِّي وَمِنْكَ، أَيْ مِنَّا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَكَانَ قَوْلُ مُوسَى فِي السَّفِينَةِ وَالْغُلَامِ لِلَّهِ، وَكَانَ قَوْلُهُ في الجدار لنفسه لطلب شي مِنَ الدُّنْيَا، فَكَانَ سَبَبُ الْفِرَاقِ. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: كَانَ ذَلِكَ الْجِدَارُ جِدَارًا طُولُهُ في السماء مائة ذراع. الثالثة عشرة- قوله تعالى: (سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) تَأْوِيلُ الشَّيْءِ مَآلُهُ أَيْ قَالَ لَهُ: إِنِّي أُخْبِرُكَ لِمَ فَعَلْتُ مَا فَعَلْتُ. وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي وَقَعَتْ لِمُوسَى مَعَ الخضر: إنها حجة على موسى لا عجبا لَهُ. وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا أَنْكَرَ أَمْرَ خَرْقِ السَّفِينَةِ نُودِيَ: يَا مُوسَى أَيْنَ كَانَ تَدْبِيرُكَ هَذَا وَأَنْتَ فِي التَّابُوتِ مَطْرُوحًا فِي الْيَمِّ! فَلَمَّا أَنْكَرَ أَمْرَ الْغُلَامِ قِيلَ لَهُ: أَيْنَ إِنْكَارُكَ هَذَا مِنْ وَكْزِكَ الْقِبْطِيَّ وَقَضَائِكَ عَلَيْهِ! فَلَمَّا أَنْكَرَ إِقَامَةَ الْجِدَارِ نُودِيَ: أَيْنَ هَذَا مِنْ رَفْعِكَ حَجَرَ الْبِئْرِ لِبَنَاتِ شُعَيْبٍ دُونَ أجر!

[سورة الكهف (١٨): الآيات ٧٩ الى ٨٢]

أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً (٧٩) وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً (٨٠) فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً (٨١) وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (٨٢)