إِلَّا قَالُوا مَا هَذِهِ الرُّوحُ الطَّيِّبَةُ فَيَقُولُونَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهَا فَيُفْتَحُ فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ" اكْتُبُوا لِعَبْدِي كِتَابًا فِي عِلِّيِّينَ وَأَعِيدُوهُ إِلَى الْأَرْضِ فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى" فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ" التَّذْكِرَةِ" وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ. وَمَعْنَى" وَفِيها نُعِيدُكُمْ ٢٠: ٥٥" أَيْ بَعْدَ الْمَوْتِ" وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ ٢٠: ٥٥" أَيْ لِلْبَعْثِ وَالْحِسَابِ. (تارَةً أُخْرى) يَرْجِعُ هَذَا إِلَى قَوْلِهِ:" مِنْها خَلَقْناكُمْ ٢٠: ٥٥" لَا إِلَى" نُعِيدُكُمْ". وَهُوَ كَقَوْلِكَ: اشْتَرَيْتُ نَاقَةً وَدَارًا وَنَاقَةً أُخْرَى، فَالْمَعْنَى: مِنَ الْأَرْضِ أَخْرَجْنَاكُمْ وَنُخْرِجُكُمْ بعد الموت من الأرض تارة أخرى.
[سورة طه (٢٠): الآيات ٥٦ الى ٦١]
وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَأَبى (٥٦) قالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يَا مُوسى (٥٧) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً (٥٨) قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (٥٩) فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى (٦٠)
قالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى (٦١)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها) ٢٠: ٥٦ أَيِ الْمُعْجِزَاتِ الدَّالَّةَ عَلَى نُبُوَّةِ مُوسَى. وَقِيلَ: حُجَجَ اللَّهِ الدَّالَّةَ عَلَى تَوْحِيدِهِ. (فَكَذَّبَ وَأَبى) ٢٠: ٥٦ أَيْ لَمْ يُؤْمِنْ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَفَرَ عِنَادًا لِأَنَّهُ رَأَى الْآيَاتِ عَيَانًا لَا خَبَرًا. نَظِيرُهُ" وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا" «١». قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يَا مُوسى) ٢٠: ٥٧ لَمَّا رَأَى الْآيَاتِ الَّتِي أَتَاهُ بِهَا مُوسَى قَالَ: إِنَّهَا سِحْرٌ، وَالْمَعْنَى: جِئْتَ لِتُوهِمَ النَّاسَ أَنَّكَ جِئْتَ بِآيَةٍ تُوجِبُ اتِّبَاعَكَ وَالْإِيمَانَ بِكَ، حَتَّى تَغْلِبَ عَلَى أَرْضِنَا وَعَلَيْنَا. (فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ) ٢٠: ٥٨ أَيْ لَنُعَارِضَنَّكَ
(١). راجع ج ١٣ ص ١٦٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute