للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أي شك وريب ونفاق. وقد تقدم «١». (فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) أَيْ شَكًّا إِلَى شَكِّهِمْ وَكُفْرًا إِلَى كُفْرِهِمْ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: إِثْمًا إلى إثمهم، والمعنى متقارب.

[[سورة التوبة (٩): آية ١٢٦]]

أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦)

قَوْلُهُ تَعَالَى. (أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِالْيَاءِ، خَبَرًا عَنِ الْمُنَافِقِينَ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَيَعْقُوبُ بِالتَّاءِ خَبَرًا عَنْهُمْ وَخِطَابًا لِلْمُؤْمِنِينَ. وقرا الأعمش" أو لم يَرَوْا". وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ" أَوَلَا تَرَى" وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ، خِطَابًا لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَ" يُفْتَنُونَ" قَالَ الطَّبَرِيُّ: يُخْتَبَرُونَ. قَالَ مُجَاهِدٌ: بِالْقَحْطِ وَالشِّدَّةِ. وَقَالَ عَطِيَّةُ: بِالْأَمْرَاضِ وَالْأَوْجَاعِ، وَهِيَ رَوَائِدُ الْمَوْتِ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ: بِالْغَزْوِ وَالْجِهَادِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَرَوْنَ مَا وَعَدَ اللَّهُ مِنَ النَّصْرِ" ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ" لِذَلِكَ" وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ".

[[سورة التوبة (٩): آية ١٢٧]]

وَإِذا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (١٢٧)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ) " مَا" صِلَةٌ، وَالْمُرَادُ الْمُنَافِقُونَ، أَيْ إِذَا حَضَرُوا الرَّسُولَ وَهُوَ يَتْلُو قُرْآنًا أُنْزِلَ فِيهِ فَضِيحَتُهُمْ أَوْ فَضِيحَةُ أَحَدٍ مِنْهُمْ جَعَلَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضِ نَظَرَ الرُّعْبِ عَلَى جِهَةِ التَّقْرِيرِ، يَقُولُ: هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِذَا تَكَلَّمْتُمْ بِهَذَا فَيَنْقُلُهُ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَذَلِكَ جَهْلٌ مِنْهُمْ بِنُبُوَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَنَّ اللَّهَ يُطْلِعُهُ عَلَى مَا يَشَاءُ مِنْ غَيْبِهِ. وَقِيلَ إِنَّ" نَظَرَ" فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِمَعْنَى أَنْبَأَ. وَحَكَى الطَّبَرِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ:" نَظَرَ" فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَوْضِعُ قَالَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (ثُمَّ انْصَرَفُوا) أَيِ انْصَرَفُوا عَنْ طَرِيقِ الِاهْتِدَاءِ. وَذَلِكَ أَنَّهُمْ حِينَمَا بَيَّنَ لَهُمْ كَشْفَ أسرار هم والاعلام بمغيبات أمور هم يَقَعُ لَهُمْ لَا مَحَالَةَ تَعَجُّبٌ وَتَوَقُّفٌ وَنَظَرٌ،


(١). راجع ج ١ ص ١٩٧.