للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (تَدْرُونَ مَا هَذَا) قَالَ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: (هَذَا حَجَرٌ رُمِيَ بِهِ فِي النَّارِ مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفًا فَهُوَ يَهْوِي فِي النَّارِ الْآنَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَعْرِهَا). وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (احْتَجَّتِ النَّارُ وَالْجَنَّةُ فَقَالَتْ هَذِهِ يَدْخُلُنِي الْجَبَّارُونَ وَالْمُتَكَبِّرُونَ وَقَالَتْ هَذِهِ يَدْخُلُنِي الضُّعَفَاءُ وَالْمَسَاكِينُ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِهَذِهِ: أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ وَقَالَ لِهَذِهِ أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ وَلِكُلِ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا (. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ «١» بِمَعْنَاهُ. يُقَالُ: احْتَجَّتْ بِمَعْنَى تَحْتَجُّ، لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «٢»، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أراهما فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَرَآهُمَا أَيْضًا فِي إِسْرَائِهِ وَدَخَلَ الْجَنَّةَ، فَلَا مَعْنَى لِمَا خَالَفَ ذَلِكَ. وبالله التوفيق. و" أُعِدَّتْ" يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا لِلنَّارِ عَلَى مَعْنَى مُعَدَّةٍ، وَأُضْمِرَتْ مَعَهُ قَدْ، كَمَا قَالَ:" أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ «٣» " [النساء: ٩٠] فَمَعْنَاهُ قَدْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ، فَمَعَ" حَصِرَتْ" قَدْ مُضْمَرَةٌ لِأَنَّ الْمَاضِيَ لَا يَكُونُ حَالًا إِلَّا مَعَ قَدْ، فَعَلَى هَذَا لَا يَتِمُّ الْوَقْفُ عَلَى" الْحِجارَةُ". وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَلَامًا مُنْقَطِعًا عَمَّا قَبْلَهُ، كَمَا قَالَ:" وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ «٤» " [فصلت: ٢٣]. وَقَالَ السِّجِسْتَانِيُّ:" أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ" مِنْ صِلَةِ" الَّتِي" كَمَا قَالَ فِي آلِ عِمْرَانَ:" وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ «٥» " [آل عمران: ١٣١]. ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: وَهَذَا غَلَطٌ، لِأَنَّ الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ قَدْ وُصِلَتْ بِقَوْلِهِ:" وَقُودُهَا النَّاسُ" فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُوصَلَ بِصِلَةٍ ثَانِيَةٍ، وَفِي آلِ عِمْرَانَ لَيْسَ لَهَا صِلَةٌ غَيْرَ" أُعِدَّتْ".

[[سورة البقرة (٢): آية ٢٥]]

وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٥)


(١). بمراجعة صحيحي البخاري ومسلم وجدنا أن الرواية لمسلم، وأخرجه البخاري بمعناه. [ ..... ]
(٢). يلاحظ أن راوي الحديث المتقدم في صحيحي مسلم والبخاري أبو هريرة.
(٣). راجع ج ٥ ص ٣٠٩.
(٤). راجع ج ١٥ ص ٣٥٣.
(٥). راجع ج ٤ ص ٢٠٢.