يَنْتَهِيَانِ إِلَيْهِ وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ. وَفِي هَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى الْفَنَاءِ، وَعَلَى أَنَّ لِكُلِّ مَخْلُوقٍ أَجَلًا، وَعَلَى ثَوَابِ الْمُحْسِنِ وَعِقَابِ الْمُسِيءِ. وَقِيلَ:" وَأَجَلٍ مُسَمًّى" أَيْ خَلَقَ مَا خَلَقَ فِي وَقْتٍ سَمَّاهُ لِأَنْ يَخْلُقَ ذَلِكَ الشَّيْءَ فِيهِ. (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ) اللَّامُ لِلتَّوْكِيدِ، وَالتَّقْدِيرُ: لَكَافِرُونَ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ، عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، أَيْ لَكَافِرُونَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَتَقُولُ: إِنَّ زَيْدًا فِي الدَّارِ لَجَالِسٌ. وَلَوْ قُلْتَ: إِنَّ زَيْدًا لَفِي الدَّارِ لَجَالِسٌ جَازَ. فَإِنْ قُلْتَ: إِنَّ زَيْدًا جَالِسٌ لَفِي الدَّارِ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّ اللَّامَ إِنَّمَا يُؤْتَى بِهَا تَوْكِيدًا لِاسْمِ إِنَّ وَخَبَرِهَا، وَإِذَا جِئْتَ بِهِمَا لَمْ يَجُزْ أَنْ تَأْتِيَ بِهَا. وَكَذَا إِنْ قُلْتَ: إِنَّ زَيْدًا لَجَالِسٌ لَفِي الدَّارِ لَمْ يجز.
[[سورة الروم (٣٠): آية ٩]]
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٩)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا) بِبَصَائِرِهِمْ وَقُلُوبِهِمْ. (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ) أَيْ قَلَّبُوهَا لِلزِّرَاعَةِ، لِأَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ حَرْثٍ، قال الله تعالى:" تُثِيرُ الْأَرْضَ" «١» [البقرة: ٧١]. (وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها) أَيْ وَعَمَرُوهَا أُولَئِكَ أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا هَؤُلَاءِ فَلَمْ تَنْفَعْهُمْ عِمَارَتُهُمْ وَلَا طُولُ مُدَّتِهِمْ. (وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) أَيْ بِالْمُعْجِزَاتِ. وَقِيلَ: بِالْأَحْكَامِ فَكَفَرُوا وَلَمْ يُؤْمِنُوا. (فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ) بِأَنْ أَهْلَكَهُمْ بِغَيْرِ ذَنْبٍ وَلَا رُسُلٍ وَلَا حُجَّةٍ. (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) بالشرك والعصيان.
[[سورة الروم (٣٠): آية ١٠]]
ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ (١٠)
(١). راجع ج ١ ص ٤٥٣. [ ..... ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute