للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ تَعَالَى: (قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ) أَيْ خَلَقَكُمْ فِي الْأَرْضِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقِيلَ: نَشَرَكُمْ فِيهَا وَفَرَّقَكُمْ عَلَى ظَهْرِهَا، قَالَهُ ابْنُ شَجَرَةَ. (وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) حَتَّى يُجَازِيَ كُلًّا بِعَمَلِهِ. (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أَيْ مَتَى يَوْمُ الْقِيَامَةِ! وَمَتَى هَذَا الْعَذَابُ الَّذِي تَعِدُونَنَا بِهِ وَهَذَا اسْتِهْزَاءٌ منهم. وقد تقدم «١».

[[سورة الملك (٦٧): آية ٢٦]]

قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٦)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ) أَيْ قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ عِلْمُ وَقْتِ قِيَامِ السَّاعَةِ عِنْدَ اللَّهِ فَلَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ. نَظِيرُهُ: قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي [الأعراف: ١٨٧] الْآيَةَ «٢». (وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) أَيْ مُخَوِّفٌ ومعلم لكم.

[[سورة الملك (٦٧): آية ٢٧]]

فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (٢٧)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً) مَصْدَرٌ بِمَعْنَى مُزْدَلَفًا أَيْ قَرِيبًا، قَالَهُ مُجَاهِدٌ. الْحَسَنُ عِيَانًا. وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى: فَلَمَّا رَأَوْهُ يَعْنِي الْعَذَابَ، وَهُوَ عَذَابُ الْآخِرَةِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي عَذَابَ بَدْرٍ. وَقِيلَ: أَيْ رَأَوْا مَا وُعِدُوا مِنَ الْحَشْرِ قَرِيبًا مِنْهُمْ. وَدَلَّ عَلَيْهِ تُحْشَرُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا رَأَوْا عَمَلَهُمُ السَّيِّئَ قَرِيبًا. (سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) أَيْ فُعِلَ بِهَا السُّوءُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: تَبَيَّنَ فِيهَا السُّوءُ أَيْ سَاءَهُمْ ذَلِكَ الْعَذَابُ وَظَهَرَ عَلَى وُجُوهِهِمْ سِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى كُفْرِهِمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ «٣» [آل عمران: ١٠٦]. وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيُّ" سُئَتْ" بِإِشْمَامِ الضَّمِّ. وَكَسَرَ الْبَاقُونَ بِغَيْرِ إِشْمَامٍ طَلَبًا لِلْخِفَّةِ. وَمَنْ ضَمَّ لَاحَظَ الْأَصْلَ. (وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) قَالَ الْفَرَّاءُ: تَدَّعُونَ تَفْتَعِلُونَ مِنَ الدُّعَاءِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ العلماء أي تتمنون وتسألون.


(١). راجع ج ٨ ص (٣٤٩)
(٢). راجع ج ٧ ص (٣٣٥)
(٣). راجع ج ٤ ص ١٦٦