للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّاقَةُ فِي رَحِمِهَا سَلًا قَطُّ أَيْ مَا ظَهَرَ فِيهَا وَلَدٌ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْكَلَامُ سائغا وقراءته أَسْمَاعُهُ وَأَفْهَامُهُ بِعِبَارَاتٍ يَخْلُقُهَا وَكِتَابَةٍ يُحْدِثُهَا. وَهِيَ مَعْنَى قَوْلِنَا قَرَأْنَا كَلَامَ اللَّهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ:" فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ"" فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ" «١». وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ: (قَرَأَ) أَيْ تَكَلَّمَ بِهِ وَذَلِكَ مَجَازٌ كَقَوْلِهِمْ ذُقْتُ هَذَا الْقَوْلَ «٢» ذَوَاقًا بِمَعْنَى اخْتَبَرْتُهُ. ومنه قول تعالى:" فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ" «٣» أَيِ ابْتَلَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فَسُمِّيَ ذلك ذواقا وَالْخَوْفُ لَا يُذَاقُ عَلَى الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ الذَّوْقَ فِي الْحَقِيقَةِ بِالْفَمِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْجَوَارِحِ. قَالَ ابْنُ فَوْرَكٍ: وَمَا قُلْنَاهُ أَوَّلًا أَصَحُّ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْخَبَرِ لِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى أَزَلِيٌّ قَدِيمٌ سَابِقٌ لِجُمْلَةِ الْحَوَادِثِ وَإِنَّمَا أَسْمَعَ وَأَفْهَمَ مَنْ أَرَادَ مِنْ خَلْقِهِ عَلَى مَا أَرَادَ فِي الْأَوْقَاتِ وَالْأَزْمِنَةِ لَا أَنَّ عين كلامه يتعلق وجوده بمدة وزمان.

[سورة طه (٢٠): الآيات ١ الى ٨]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

طه (١) مَا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (٢) إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى (٣) تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى (٤)

الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (٥) لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى (٦) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى (٧) اللَّهُ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى (٨)

قَوْلُهُ تَعَالَى:" طه" اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَاهُ فَقَالَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: هُوَ مِنَ الْأَسْرَارِ ذَكَرَهُ الْغَزْنَوِيُّ ابْنُ عَبَّاسٍ مَعْنَاهُ يَا رَجُلُ ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ. وَقِيلَ: إِنَّهَا لُغَةٌ مَعْرُوفَةٌ فِي عُكْلٍ. وَقِيلَ فِي عَكٍّ قَالَ الْكَلْبِيُّ: لَوْ قُلْتَ فِي عَكٍّ لِرَجُلٍ يَا رَجُلُ لَمْ يُجِبْ حَتَّى تَقُولَ طه. وَأَنْشَدَ الطَّبَرِيُّ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: «٤»

دَعَوْتُ بِطه فِي الْقِتَالِ فَلَمْ يُجِبْ ... فَخِفْتُ عليه أن يكون موائلا


(١). راجع ج ١٩ ص ٥٠ فما بعد.
(٢). في ب وج وط وز وك: هذا الامر.
(٣). راجع ج ١٠ ص ١٩٣ فما بعد.
(٤). هو متمم بن نويرة ووائل: طلب النجاة.