للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ شَيْئًا إِذْ أَكَبَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ، فَطَعَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُرْجُونٍ كَانَ مَعَهُ، فَصَاحَ الرَّجُلُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [تَعَالَ [فَاسْتَقِدْ (. قَالَ: بَلْ عَفَوْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ أَبِي فِرَاسٍ قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: أَلَا مَنْ ظَلَمَهُ أَمِيرُهُ فَلْيَرْفَعْ ذَلِكَ إِلَيَّ أُقِيدُهُ مِنْهُ. فَقَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَئِنْ أَدَّبَ رَجُلٌ مِنَّا رَجُلًا مِنْ أَهْلِ رَعِيَّتِهِ لَتَقُصَّنَّهُ مِنْهُ؟ قَالَ: كَيْفَ لَا أَقُصُّهُ مِنْهُ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُصُّ مِنْ نَفْسِهِ!. وَلَفْظُ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ عَنْهُ قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ عُمَّالِي لِيَضْرِبُوا أَبْشَارَكُمْ وَلَا لِيَأْخُذُوا أَمْوَالَكُمْ، فَمَنْ فُعِلَ ذَلِكَ بِهِ فَلْيَرْفَعْهُ إِلَيَّ أَقُصُّهُ مِنْهُ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ. الرَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" تَقَدَّمَ «١» مَعْنَاهُ. وَالْمُرَادُ هُنَا تَتَّقُونَ الْقَتْلَ فَتَسْلَمُونَ مِنَ الْقِصَاصِ، ثُمَّ يَكُونُ ذَلِكَ دَاعِيَةً لِأَنْوَاعِ التَّقْوَى فِي غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّ اللَّهَ يُثِيبُ بِالطَّاعَةِ عَلَى الطَّاعَةِ. وَقَرَأَ أَبُو الْجَوْزَاءِ أَوْسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الربعي" وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ". قَالَ النَّحَّاسُ: قِرَاءَةُ أَبِي الْجَوْزَاءِ شَاذَّةٌ. قَالَ غَيْرُهُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا كَالْقِصَاصِ. وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْقَصَصِ الْقُرْآنَ، أَيْ لَكُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ الَّذِي شُرِعَ فِيهِ الْقَصَصُ حَيَاةٌ، أي نجاة.

[[سورة البقرة (٢): آية ١٨٠]]

كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (١٨٠)

فِيهِ إِحْدَى وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى:" كُتِبَ عَلَيْكُمْ" هَذِهِ آيَةُ الْوَصِيَّةِ، لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرٌ لِلْوَصِيَّةِ إِلَّا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، [وَفِي «٢» " النِّسَاءِ":" مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ «٣» " [النساء: ١٢] وفي" المائدة":" حِينَ الْوَصِيَّةِ «٤» ". [المائدة: ١٠٦]. وَالَّتِي فِي الْبَقَرَةِ أَتَمَّهَا وَأَكْمَلَهَا [وَنَزَلَتْ قَبْلَ نزول الفرائض والمواريث، على ما يأتي


(١). يراجع ج ١ ص ٢٢٦ وما بعدها، طبعه ثانية.
(٢). ما بين المربعين ساقط في ب، ج، ز. [ ..... ]
(٣). راجع ج ٥ ص ٧٣.
(٤). راجع ج ٦ ص ٣٤٨.