للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ غَيْرِ فَضِيلَةٍ لَهُ عَلَيْكُمْ. (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) أَيْ مَبْعُوثُونَ مِنْ قُبُورِكُمْ. وَ" إِنَّ" الْأُولَى فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِوُقُوعِ" يَعِدُكُمْ" عَلَيْهَا، وَالثَّانِيَةُ بَدَلٌ مِنْهَا، هَذَا مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ. وَالْمَعْنَى: أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ إِذَا مِتُّمْ. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ" أَيَعِدُكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ"، وَهُوَ كَقَوْلِكَ: أَظُنُّ إِنْ خَرَجْتَ أَنَّكَ نَادِمٌ. وَذَهَبَ الْفَرَّاءُ وَالْجَرْمِيُّ وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدُ إِلَى إِنَّ الثَّانِيَةُ مُكَرَّرَةٌ لِلتَّوْكِيدِ، لَمَّا طَالَ الْكَلَامُ كَانَ تَكْرِيرُهَا حَسَنًا. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: الْمَعْنَى أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا يَحْدُثُ إِخْرَاجُكُمْ، فَ" إِنَّ" الثَّانِيَةَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ، كَمَا تَقُولُ: الْيَوْمَ الْقِتَالُ، فَالْمَعْنَى الْيَوْمَ يَحْدُثُ الْقِتَالُ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَيَجُوزُ" أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ"، لِأَنَّ معنى" أَيَعِدُكُمْ" أيقول إنكم.

[[سورة المؤمنون (٢٣): آية ٣٦]]

هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ (٣٦)

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ كَلِمَةٌ لِلْبُعْدِ، كَأَنَّهُمْ قَالُوا بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ، أَيْ أَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ مَا يُذْكَرُ مِنَ الْبَعْثِ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْفِعْلِ، أَيْ بَعُدَ مَا تُوعَدُونَ. وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: وَفِي" هَيْهَاتَ" عَشْرُ لُغَاتٍ: هَيْهَاتَ لَكَ (بِفَتْحِ التَّاءِ) وَهِيَ قِرَاءَةُ الْجَمَاعَةِ. وَهَيْهَاتِ لَكَ (بِخَفْضِ التَّاءِ)، وَيُرْوَى عَنْ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ الْقَعْقَاعِ" وَهَيْهَاتٍ لَكَ (بِالْخَفْضِ وَالتَّنْوِينِ) يُرْوَى عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ. وَهَيْهَاتُ لَكَ (بِرَفْعِ التَّاءِ)، الثَّعْلَبِيُّ: وَبِهَا قَرَأَ نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ وَأَبُو الْعَالِيَةِ. وَهَيْهَاتٌ لَكَ (بِالرَّفْعِ وَالتَّنْوِينِ) وَبِهَا قَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ الشَّامِيُّ، ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ أَيْضًا. وَهَيْهَاتًا لَكَ (بِالنَّصْبِ وَالتَّنْوِينِ) قَالَ الْأَحْوَصُ:

تَذَكَّرْتُ أَيَّامًا مَضَيْنَ مِنَ الصِّبَا ... وَهَيْهَاتَ هَيْهَاتًا إِلَيْكَ رُجُوعُهَا

وَاللُّغَةُ السَّابِعَةُ: أَيْهَاتَ أَيْهَاتَ، وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ:

فَأَيْهَاتَ أَيْهَاتَ الْعَقِيقُ وَمَنْ بِهِ ... وَأَيْهَاتَ خِلٌّ بِالْعَقِيقِ نُوَاصِلُهُ

قَالَ الْمَهْدَوِيُّ: وَقَرَأَ عِيسَى الْهَمْدَانِيُّ" هَيْهاتَ هَيْهاتَ" بإسكان. قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ:" أَيْهَانَ" بِالنُّونِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ" أَيْهَا" بِلَا نُونٍ. وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ: