للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) أَعَادَ هَذَا الضَّمِيرَ لِاخْتِلَافِ الْحَالَيْنِ، يُنَادَوْنَ مَرَّةً فَيُقَالُ لَهُمْ:" أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ" فَيَدْعُونَ الْأَصْنَامَ فَلَا يَسْتَجِيبُونَ، فَتَظْهَرُ حَيْرَتُهُمْ «١»، ثُمَّ يُنَادَوْنَ مَرَّةً أُخْرَى فَيَسْكُتُونَ. وَهُوَ تَوْبِيخُ وَزِيَادَةُ خِزْيِ. وَالْمُنَادَاةُ هُنَا لَيْسَتْ مِنَ اللَّهِ؟ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُكَلِّمُ الْكُفَّارَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:" وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ" لَكِنَّهُ تَعَالَى يَأْمُرُ مَنْ يُوَبِّخُهُمْ وَيُبَكِّتُهُمْ، وَيُقِيمُ الْحُجَّةَ عَلَيْهِمْ فِي مَقَامِ الْحِسَابِ. وَقِيلَ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ اللَّهِ، وَقَوْلُهُ:" وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ" حين يقال لهم:" اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ" وَقَالَ:" شُرَكائِيَ" لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا لَهُمْ نَصِيبًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً) أَيْ نَبِيًّا، عَنْ مُجَاهِدٍ. وَقِيلَ: هُمْ عُدُولُ الْآخِرَةِ يَشْهَدُونَ عَلَى الْعِبَادِ بِأَعْمَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:" فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً" وَشَهِيدُ كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولُهَا الَّذِي يَشْهَدُ عَلَيْهَا. وَالشَّهِيدُ الْحَاضِرُ. أَيْ أَحْضَرْنَا رَسُولَهُمُ الْمَبْعُوثَ إِلَيْهِمْ. (فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ) أَيْ حُجَّتُكُمْ. (فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ) أَيْ عَلِمُوا صِدْقَ مَا جَاءَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ. (وَضَلَّ عَنْهُمْ) أَيْ ذَهَبَ عَنْهُمْ وَبَطَلَ. (مَا كانُوا يَفْتَرُونَ) أَيْ يَخْتَلِقُونَهُ مِنَ الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَنَّ مَعَهُ آلِهَةً تعبد.

[سورة القصص (٢٨): الآيات ٧٦ الى ٧٧]

إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (٧٦) وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٧٧)


(١). في نسخة، فيظهر حزنهم.