للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلق، وهى قراءة ابن مسعود" لفسدت السموات وَالْأَرْضُ وَمَا بَيْنَهُمَا". فَيَكُونُ عَلَى تَأْوِيلِ الْكَلْبِيِّ وَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَحْمُولًا عَلَى فَسَادِ مَنْ يَعْقِلُ وَمَا لَا يَعْقِلُ مِنْ حَيَوَانٍ وَجَمَادٍ. وَظَاهِرُ التَّنْزِيلِ فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ يَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى فَسَادِ مَا يَعْقِلُ مِنَ الْحَيَوَانِ، لِأَنَّ مَا لَا يَعْقِلُ تَابِعٌ لِمَا يَعْقِلُ فِي الصَّلَاحِ وَالْفَسَادِ، فَعَلَى هَذَا مَا يَكُونُ مِنَ الفساد يعود على من في السموات مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِأَنْ جُعِلَتْ أَرْبَابًا وَهِيَ مَرْبُوبَةٌ، وَعُبِدَتْ وَهِيَ مُسْتَعْبَدَةٌ. وَفَسَادُ الْإِنْسِ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا- بِاتِّبَاعِ الْهَوَى، وَذَلِكَ مُهْلِكٌ. الثَّانِي- بِعِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ، وَذَلِكَ كُفْرٌ. وَأَمَّا فَسَادُ مَا عَدَا ذَلِكَ فَيَكُونُ عَلَى وَجْهِ التَّبَعِ، لِأَنَّهُمْ مُدَبَّرُونَ بِذَوِي الْعُقُولِ فَعَادَ فَسَادُ الْمُدَبِّرِينَ عَلَيْهِمْ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ) أَيْ بِمَا فِيهِ شَرَفُهُمْ وَعِزُّهُمْ، قَالَهُ السُّدِّيُّ وَسُفْيَانُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: أَيْ بِمَا لَهُمْ فِيهِ ذِكْرُ ثَوَابِهِمْ وَعِقَابِهِمْ. ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ بِبَيَانِ الْحَقِّ وَذِكْرِ مَا لَهُمْ بِهِ حَاجَةٌ مِنْ أَمْرِ الدين. (فهم عن ذكرهم معرضون).

[[سورة المؤمنون (٢٣): آية ٧٢]]

أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٧٢)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً) أي أجرا على ما جئتهم به، قاله الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ. (فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ) وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَالْأَعْمَشُ وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ:" خَرَاجًا" بِأَلِفٍ. الْبَاقُونَ بِغَيْرِ أَلِفٍ. وَكُلُّهُمْ قَدْ قَرَءُوا" فَخَراجُ" بِالْأَلِفِ إِلَّا ابْنَ عَامِرٍ وَأَبَا حَيْوَةَ فَإِنَّهُمَا قَرَآ بِغَيْرِ الْأَلِفِ. وَالْمَعْنَى: أَمْ تَسْأَلُهُمْ رِزْقًا فَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ. (وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) أَيْ لَيْسَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَرْزُقَ مِثْلَ رِزْقِهِ، وَلَا يُنْعِمَ مِثْلَ إِنْعَامِهِ. وَقِيلَ: أَيْ مَا يُؤْتِيكَ اللَّهُ مِنَ الْأَجْرِ عَلَى طَاعَتِكَ لَهُ وَالدُّعَاءِ إِلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا، وَقَدْ عَرَضُوا عَلَيْكَ أَمْوَالَهُمْ حَتَّى تَكُونَ كَأَعْيَنِ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَلَمْ تُجِبْهُمْ إِلَى ذَلِكَ، قَالَ مَعْنَاهُ الْحَسَنُ. وَالْخَرْجُ وَالْخَرَاجُ وَاحِدٌ، إِلَّا أَنَّ اخْتِلَافَ الْكَلَامِ أَحْسَنُ، قَالَهُ الْأَخْفَشُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الْخَرْجُ الْجُعْلُ، وَالْخَرَاجُ الْعَطَاءُ.