للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[سورة النساء (٤): آية ١٩]]

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (١٩)

فيه ثمان مسائل: الاولى- قوله تعلى: (لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً) هَذَا مُتَّصِلٌ بِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الزَّوْجَاتِ. وَالْمَقْصُودُ نَفْيُ الظُّلْمِ عَنْهُنَّ وَإِضْرَارُهُنَّ، وَالْخِطَابُ لِلْأَوْلِيَاءِ. و (أَنْ) فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِ (يَحِلُّ)، أَيْ لَا يحل لكم وراثة النساء. و (كَرْهاً) مَصْدَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ. وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ وَأَقْوَالُ الْمُفَسِّرِينَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا، فَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ) قَالَ: كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ، إِنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَهَا، وَإِنْ شَاءُوا زَوَّجُوهَا، وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُزَوِّجُوهَا، فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي ذَلِكَ. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِمَعْنَاهُ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَأَبُو مِجْلَزٍ: كَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ يُلْقِي ابْنُهُ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ أَقْرَبُ عَصَبَتِهِ ثَوْبَهُ عَلَى الْمَرْأَةِ فَيَصِيرُ أَحَقَّ بِهَا مِنْ نَفْسِهَا وَمِنْ أَوْلِيَائِهَا، فَإِنْ شَاءَ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ صَدَاقٍ إِلَّا الصَّدَاقَ الَّذِي أَصْدَقَهَا الْمَيِّتُ، وَإِنْ شَاءَ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَأَخَذَ صَدَاقَهَا وَلَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا، وَإِنْ شَاءَ عَضَلَهَا لِتَفْتَدِيَ مِنْهُ بِمَا وَرِثَتْهُ مِنَ الْمَيِّتِ أَوْ تَمُوتُ فَيَرِثُهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً). فَيَكُونُ الْمَعْنَى: لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوهُنَّ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ فَتَكُونُوا أَزْوَاجًا لَهُنَّ. وَقِيلَ: كَانَ الْوَارِثُ إِنْ سَبَقَ فَأَلْقَى عَلَيْهَا ثَوْبًا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَإِنْ سَبَقَتْهُ فَذَهَبَتْ إِلَى أَهْلِهَا كانت أحق بنفسها، قال السُّدِّيُّ. وَقِيلَ: كَانَ يَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ عَجُوزٌ وَنَفْسُهُ تَتُوقُ إِلَى الشَّابَّةِ فَيَكْرَهُ فِرَاقَ الْعَجُوزِ لِمَالِهَا فَيُمْسِكُهَا وَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى تَفْتَدِيَ مِنْهُ بِمَالِهَا أَوْ تَمُوتَ فَيَرِثُ مَالَهَا. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَأَمَرَ الزَّوْجَ أَنْ يُطَلِّقَهَا إِنْ كَرِهَ صُحْبَتَهَا وَلَا يُمْسِكْهَا كَرْهًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ