اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَرَمِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ". وَفِي حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ" وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إلى أرذل العمر" الحديث. خرجه البخار ي. (لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً) أَيْ يَرْجِعُ إِلَى حَالَةِ الطُّفُولِيَّةِ فَلَا يَعْلَمُ مَا كَانَ يَعْلَمُ قَبْلُ مِنَ الْأُمُورِ لِفَرْطِ الْكِبَرِ. وَقَدْ قِيلَ: هَذَا لَا يَكُونُ لِلْمُؤْمِنِ، لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يُنْزَعُ عَنْهُ عِلْمُهُ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى لِكَيْلَا يَعْمَلَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا، فَعَبَّرَ عَنِ الْعَمَلِ بِالْعِلْمِ لِافْتِقَارِهِ إِلَيْهِ، لِأَنَّ تَأْثِيرَ الْكِبَرِ فِي عَمَلِهِ أَبْلَغُ مِنْ تَأْثِيرِهِ فِي عِلْمِهِ. وَالْمَعْنَى الْمَقْصُودُ الِاحْتِجَاجُ عَلَى مُنْكِرِي الْبَعْثِ، أَيِ الَّذِي رَدَّهُ إِلَى هَذِهِ الْحَالِ قَادِرٌ على أن يميته ثم يحييه.
[[سورة النحل (١٦): آية ٧١]]
وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٧١)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ) أَيْ جَعَلَ مِنْكُمْ غَنِيًّا وفقيرا وَحُرًّا وَعَبْدًا. (فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا) أَيْ فِي الرِّزْقِ. (بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) أَيْ لَا يَرُدُّ الْمَوْلَى عَلَى مَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ مِمَّا رُزِقَ شَيْئًا حَتَّى يَسْتَوِيَ الْمَمْلُوكُ وَالْمَالِكُ فِي الْمَالِ. وَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِعَبَدَةِ الْأَصْنَامِ، أَيْ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَبِيدُكُمْ مَعَكُمْ سَوَاءٌ فَكَيْفَ تَجْعَلُونَ عَبِيدِي مَعِي سَوَاءً، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ يُشْرِكُهُمْ عَبِيدُهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ أَنْ يُشَارِكُوا اللَّهَ تَعَالَى فِي عِبَادَةِ غَيْرِهِ مِنَ الْأَوْثَانِ وَالْأَنْصَابِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا عُبِدَ، كَالْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَهُمْ عَبِيدُهُ وَخَلْقُهُ. حَكَى مَعْنَاهُ الطَّبَرِيُّ، وَقَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمْ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي نَصَارَى نَجْرَانَ حِينَ قَالُوا عِيسَى ابْنُ اللَّهِ فَقَالَ اللَّهُ لَهُمْ:" فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ" أَيْ لَا يَرُدُّ الْمَوْلَى عَلَى مَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ مِمَّا رُزِقَ حَتَّى يَكُونَ الْمَوْلَى وَالْعَبْدُ فِي الْمَالِ شَرَعًا سَوَاءً، فَكَيْفَ تَرْضَوْنَ لِي مَا لَا تَرْضَوْنَ لِأَنْفُسِكُمْ فَتَجْعَلُونَ لِي وَلَدًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute