للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ «١». وَقَالَ: (كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ «٢» مِنْ تُرابٍ) وَذَلِكَ مُتَّفَقُ الْمَعْنَى، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ تُرَابِ الْأَرْضِ فَعَجَنَهُ فَصَارَ طِينًا، ثُمَّ انْتَقَلَ فَصَارَ كَالْحَمَإِ الْمَسْنُونِ، ثُمَّ انْتَقَلَ فَصَارَ صَلْصَالًا كَالْفَخَّارِ. (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ) قَالَ الْحَسَنُ: الْجَانُّ إِبْلِيسُ وَهُوَ أَبُو الْجِنِّ. وَقِيلَ: الْجَانُّ وَاحِدُ الْجِنِّ، وَالْمَارِجُ اللَّهَبُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ: خَلَقَ اللَّهُ الْجَانَّ مِنْ خَالِصِ النَّارِ. وَعَنْهُ أَيْضًا مِنْ لِسَانِهَا الَّذِي يَكُونُ فِي طَرَفِهَا إِذَا الْتَهَبَتْ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الْمَارِجُ الشُّعْلَةُ السَّاطِعَةُ ذَاتُ اللَّهَبِ الشَّدِيدِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ اللَّهَبُ الَّذِي يَعْلُو النَّارَ فَيَخْتَلِطُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ أَحْمَرُ وَأَصْفَرُ وَأَخْضَرُ، وَنَحْوُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَكُلُّهُ مُتَقَارِبُ الْمَعْنَى. وَقِيلَ: الْمَارِجُ كُلُّ أَمْرٍ مُرْسَلٍ غَيْرِ مَمْنُوعٍ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْمُبَرِّدِ، قَالَ الْمُبَرِّدُ: الْمَارِجُ النَّارُ الْمُرْسَلَةُ الَّتِي لَا تُمْنَعُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْحَسَنُ: الْمَارِجُ خَلْطُ النَّارِ، وَأَصْلُهُ مِنْ مَرِجَ إِذَا اضْطَرَبَ وَاخْتَلَطَ، وَيُرْوَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ نَارَيْنِ فَمَرَجَ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى، فَأَكَلَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَهِيَ نَارُ السَّمُومِ فَخَلَقَ مِنْهَا إِبْلِيسَ. قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: وَالْمَارِجُ فِي اللُّغَةِ الْمُرْسَلُ أَوِ الْمُخْتَلَطُ وَهُوَ فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، كقوله: (ماءٍ دافِقٍ) «٣» و (عِيشَةٍ راضِيَةٍ) «٤» وَالْمَعْنَى ذُو مَرْجٍ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصحاح: و (مارِجٍ مِنْ نارٍ) نَارٌ لَا دُخَانَ لَهَا خُلِقَ مِنْهَا الْجَانُّ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (. قَوْلُهُ تَعَالَى: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) أَيْ هُوَ رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ. وَفِي الصَّافَّاتِ (وَرَبُّ الْمَشارِقِ) وَقَدْ مضى الكلام في ذلك هنالك «٥»

[سورة الرحمن (٥٥): الآيات ١٩ الى ٢٣]

مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (١٩) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيانِ (٢٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢١) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ (٢٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢٣)


(١). راجع ج ١٥ ص ٦٣ وص ٦٨.
(٢). راجع ج ٤ ص ١٠٢. [ ..... ]
(٣). راجع ج ٢٠ ص ٤.
(٤). راجع ج ١٨ ص ٢٧٠.
(٥). راجع ج ١٥ ص ٦٣ وص ٦٨.