مَعْنَاهُ قَدْ سَأَلْتُهُ فَنَطَقَ. وَقِيلَ اسْتِفْهَامُ تَحْقِيقٍ، أَيْ قَدْ رَأَيْتُ، فَتَأَمَّلْ كَيْفَ تُصْبِحُ! أَوْ عَطْفٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُنَزِّلُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ:" أَلَمْ تَرَ" خَبَرٌ، كَمَا تَقُولُ فِي الْكَلَامِ: اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً. (فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً) أَيْ ذَاتَ خُضْرَةٍ، كَمَا تَقُولُ: مُبْقِلَةٌ وَمُسْبِعَةٌ، أَيْ ذَاتُ بَقْلٍ وَسِبَاعٍ. وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ اسْتِعْجَالِهَا إِثْرَ نُزُولِ الْمَاءِ بِالنَّبَاتِ وَاسْتِمْرَارِهَا كَذَلِكَ عَادَةً. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ: هَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا بِمَكَّةَ وَتِهَامَةَ. وَمَعْنَى هَذَا: أَنَّهُ أَخَذَ قَوْلَهُ:" فَتُصْبِحُ" مَقْصُودًا بِهِ صَبَاحُ لَيْلَةِ الْمَطَرِ وَذَهَبَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ الِاخْضِرَارَ يَتَأَخَّرُ فِي سَائِرِ البلاد، وقد شاهدت هذا بسوس الْأَقْصَى نَزَلَ الْمَطَرُ لَيْلًا بَعْدَ قَحْطٍ أَصْبَحَتْ تِلْكَ الْأَرْضُ الرَّمِلَةُ الَّتِي نَسَفَتْهَا الرِّيَاحُ قَدِ اخْضَرَّتْ بِنَبَاتٍ ضَعِيفٍ رَقِيقٍ. (إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:" خَبِيرٌ" بِمَا يَنْطَوِي عَلَيْهِ الْعَبْدُ مِنَ الْقُنُوطِ عِنْدَ تَأْخِيرِ الْمَطَرِ." لَطِيفٌ ١٠" بِأَرْزَاقِ عِبَادِهِ. وَقِيلَ:" لَطِيفٌ ١٠" بِاسْتِخْرَاجِ النَّبَاتِ من الأرض،" خَبِيرٌ" بحاجتهم وفاقتهم.
[[سورة الحج (٢٢): آية ٦٤]]
لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٦٤)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) خَلْقًا وَمُلْكًا، وَكُلٌّ مُحْتَاجٌ إِلَى تَدْبِيرِهِ وَإِتْقَانِهِ. (وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) فَلَا يَحْتَاجُ إلى شي، وهو المحمود في كل حال.
[[سورة الحج (٢٢): آية ٦٥]]
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٦٥)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ) ذَكَرَ نِعْمَةً أُخْرَى، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ سَخَّرَ لِعِبَادِهِ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنَ الدَّوَابِّ وَالشَّجَرِ وَالْأَنْهَارِ. (وَالْفُلْكَ) أَيْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ فِي حَالِ جَرْيِهَا. وَقَرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ:" وَالْفُلْكُ" رَفْعًا عَلَى الِابْتِدَاءِ وَمَا بَعْدَهُ خَبَرُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute