للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَجُلٌ وَثَوْرٌ تَحْتَ رِجْلِ يَمِينِهِ ... وَالنَّسْرُ لِلْأُخْرَى وَلَيْثٌ مُرْصَدُ

وَالشَّمْسُ تَطْلُعُ «١» كُلَّ آخِرِ لَيْلَةٍ ... حَمْرَاءَ يُصْبِحُ «٢» لَوْنُهَا يَتَوَرَّدُ

لَيْسَتْ «٣» بِطَالِعَةٍ لَهُمْ فِي رِسْلِهَا ... إِلَّا مُعَذَّبَةً وَإِلَّا تُجْلَدُ

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (صَدَقَ). وَفِي الخبر (أن فوق السماء السابعة ثمانية أو عال بَيْنَ أَظْلَافِهِنَّ وَرُكَبِهِنَّ مِثْلُ مَا بَيْنَ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ وَفَوْقَ ظُهُورِهِنَّ الْعَرْشُ (. ذَكَرَهُ الْقُشَيْرِيُّ وَخَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَقَدْ مَضَى فِي سُورَةِ" الْبَقَرَةِ" بِكَمَالِهِ «٤». وَذَكَرَ نَحْوَهُ الثَّعْلَبِيُّ وَلَفْظُهُ. وَفِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ (أَنَّ حَمَلَةَ الْعَرْشِ ثَمَانِيَةُ أَمْلَاكٍ عَلَى صُورَةِ الْأَوْعَالِ مَا بَيْنَ أَظْلَافِهَا إِلَى رُكَبِهَا مَسِيرَةَ سَبْعِينَ عَامًا لِلطَّائِرِ الْمُسْرِعِ (. وَفِي تَفْسِيرِ الْكَلْبِيِّ: ثَمَانِيَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ تِسْعَةِ أَجْزَاءٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ. وَعَنْهُ: ثَمَانِيَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ. ثُمَّ ذَكَرَ عِدَّةَ الْمَلَائِكَةِ بِمَا يَطُولُ ذِكْرُهُ. حَكَى الْأَوَّلَ عَنْهُ الثَّعْلَبِيُّ وَالثَّانِيَ الْقُشَيْرِيُّ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ثَمَانِيَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ تِسْعَةٍ وَهُمُ الْكُرُوبِيُّونَ «٥». وَالْمَعْنَى يَنْزِلُ بِالْعَرْشِ. ثُمَّ إِضَافَةُ الْعَرْشِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى كَإِضَافَةِ الْبَيْتِ، وَلَيْسَ الْبَيْتُ لِلسُّكْنَى، فَكَذَلِكَ الْعَرْشُ. وَمَعْنَى: فَوْقَهُمْ أي فوق رؤوسهم. قَالَ السُّدِّيُّ: الْعَرْشُ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ الْحَمَلَةُ فَوْقَهُمْ وَلَا يَحْمِلُ حَمَلَةَ الْعَرْشِ إِلَّا اللَّهُ. وَقِيلَ: فَوْقَهُمْ أَيْ إِنَّ حَمَلَةَ الْعَرْشِ فَوْقَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ عَلَى أَرْجَائِهَا. وَقِيلَ: فَوْقَهُمْ أي فوق أهل القيامة.

[[سورة الحاقة (٦٩): آية ١٨]]

يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ (١٨)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ) أَيْ، عَلَى اللَّهِ، دَلِيلُهُ:- عُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا

وَلَيْسَ ذَلِكَ عَرْضًا يَعْلَمُ بِهِ مَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ، بَلْ مَعْنَاهُ الْحِسَابُ وَتَقْرِيرُ الْأَعْمَالِ عَلَيْهِمْ لِلْمُجَازَاةِ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم: (يعرض


(١). في الأصول هنا:" تصبح".
(٢). في الأغاني ج ٤ ص ١٣٠ طبعه دار الكتب المصرية:
حمراء مطلع لونها متورد

(٣). في الأغاني:
تأبى فلا تبدو لنا في رسلها

(٤). راجع ج ١ ص ٢٥٩
(٥). الكروبيون: سادة الملائكة، وهم المقربون، مأخوذ من الكرب وهو القرب.