للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَهْلِ الْكِتَابِ، فِي قَوْلِ عَطَاءٍ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: أَنَا مِنْ ذَلِكَ الْقَلِيلِ، كَانُوا سَبْعَةً وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ، ثُمَّ ذَكَرَ السَّبْعَةَ بِأَسْمَائِهِمْ، وَالْكَلْبُ اسْمُهُ قِطْمِيرُ كَلْبٌ أَنْمَرُ، فَوْقَ الْقَلَطِيِّ «١» وَدُونَ الْكُرْدِيِّ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: هُوَ كَلْبٌ صِينِيٌّ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ زُبَيْرِيٌّ. وَقَالَ: مَا بَقِيَ بِنَيْسَابُورَ مُحَدِّثٌ إِلَّا كَتَبَ عَنِّي هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا مَنْ لَمْ يُقَدَّرْ لَهُ. قَالَ: وَكَتَبَهُ أَبُو عَمْرٍو الْحِيرِيُّ عَنِّي. قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً) أَيْ لَا تُجَادِلْ فِي أَصْحَابِ الْكَهْفِ إِلَّا بِمَا أَوْحَيْنَاهُ إِلَيْكَ، وَهُوَ رَدُّ عِلْمِ عِدَّتِهِمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَقِيلَ: مَعْنَى الْمِرَاءِ الظَّاهِرِ أَنْ تَقُولَ: لَيْسَ كَمَا تَقُولُونَ، وَنَحْوُ هَذَا، وَلَا تَحْتَجَّ عَلَى أَمْرٍ مُقَدَّرٍ فِي ذَلِكَ. وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُبَيِّنْ لِأَحَدٍ عَدَدَهُمْ فَلِهَذَا قَالَ" إِلَّا مِراءً ظاهِراً" أَيْ ذَاهِبًا، كَمَا قَالَ:

وَتِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا «٢»

وَلَمْ يُبِحْ لَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنْ يُمَارِيَ، وَلَكِنَّ قَوْلَهُ" إِلَّا مِراءً" اسْتِعَارَةٌ مِنْ حَيْثُ يُمَارِيهِ أَهْلُ الْكِتَابِ. سُمِّيَتْ مُرَاجَعَتُهُ لَهُمْ مِرَاءً ثُمَّ قُيِّدَ بِأَنَّهُ ظَاهِرٌ، فَفَارَقَ الْمِرَاءَ الْحَقِيقِيَّ الْمَذْمُومَ. وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ" فِيهِمْ" عَائِدٌ عَلَى أَهْلِ الكهف. وفى قَوْلِهِ:" مِنْهُمْ" عَائِدٌ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ الْمُعَارِضِينَ. وَقَوْلُهُ:" فَلا تُمارِ فِيهِمْ" يَعْنِي فِي عِدَّتِهِمْ، وجذفت الْعِدَّةُ لِدَلَالَةِ ظَاهِرِ الْقَوْلِ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً) رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَأَلَ نَصَارَى نَجْرَانَ عَنْهُمْ فَنُهِيَ عن السؤال. وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ مراجعة أهل الكتاب في شي من العلم.

[سورة الكهف (١٨): الآيات ٢٣ الى ٢٤]

وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً (٢٣) إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً (٢٤)


(١). القلطي (كعربي): القصير من الناس والسنانير والكلاب. قال الدميري:" والقلطي: كلب صيني".
(٢). هذا عجر بيت لابي ذؤيب. وصدره:
وعيرها الواشون أنى أحبها