للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[سورة يوسف (١٢): آية ٦٦]]

قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ اللَّهُ عَلى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (٦٦)

فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (تُؤْتُونِ) أَيْ تُعْطُونِي. (مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ) أَيْ عَهْدًا يُوثَقُ بِهِ. قَالَ السُّدِّيُّ: حَلَفُوا بِاللَّهِ لَيَرُدُّنَّهُ إِلَيْهِ وَلَا يُسْلِمُونَهُ، وَاللَّامُ فِي (لَتَأْتُنَّنِي) لَامُ الْقَسَمِ. (إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) قَالَ مُجَاهِدٌ: إِلَّا أَنْ تَهْلِكُوا أَوْ تَمُوتُوا. وَقَالَ قَتَادَةُ: إِلَّا أَنْ تُغْلَبُوا عَلَيْهِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَهُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ. (فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ اللَّهُ عَلى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ) أَيْ حَافِظٌ لِلْحَلِفِ. وَقِيلَ: حَفِيظٌ لِلْعَهْدِ قَائِمٌ بِالتَّدْبِيرِ وَالْعَدْلِ. الثَّانِيَةُ- هَذِهِ الْآيَةُ أَصْلٌ فِي جَوَازِ الْحَمَالَةِ «١» بِالْعَيْنِ وَالْوَثِيقَةِ بِالنَّفْسِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ مَالِكٌ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ: هِيَ جَائِزَةٌ إِذَا كَانَ الْمُتَحَمَّلُ بِهِ مَالًا وَقَدْ ضَعَّفَ الشَّافِعِيُّ الْحَمَالَةَ بِالْوَجْهِ فِي الْمَالِ، وَلَهُ قَوْلٌ كَقَوْلِ مَالِكٍ. وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ: إِذَا تَكَفَّلَ بِنَفْسٍ فِي قِصَاصٍ أَوْ جِرَاحٍ فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَجِئْ بِهِ لَزِمَهُ الدِّيَةُ وَأَرْشُ الْجِرَاحِ، وَكَانَتْ لَهُ فِي مَالِ الْجَانِي، إِذْ لَا قِصَاصَ عَلَى الْكَفِيلِ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي الْحَمَالَةِ بِالْوَجْهِ. وَالصَّوَابُ تَفْرِقَةُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّهَا تَكُونُ فِي الْمَالِ، وَلَا تَكُونُ فِي حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ، على ما يأتي بيانه.

[[سورة يوسف (١٢): آية ٦٧]]

وَقالَ يا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (٦٧)


(١). الحمالة: الكفالة.