للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَى الْجَوَازِ وَالِاسْتِحْبَابِ، وَأَمَّا الْمَسْنُونُ فَالْقِرَاءَةُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ، وَاللَّهُ بِحَقَائِقِ الْأُمُورِ عَلِيمٌ. ثُمَّ إِذَا قال فَلَا يَقُلْ:" وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ". وَهِيَ: الرَّابِعَةُ- إِذْ لَيْسَ أَحَدُهُمْ بِأَوَّلِهِمْ إِلَّا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فإن قيل: أو ليس إِبْرَاهِيمُ وَالنَّبِيُّونَ قَبْلَهُ؟ قُلْنَا عَنْهُ ثَلَاثَةَ أَجْوِبَةٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ أَوَّلُ الْخَلْقِ أَجْمَعُ مَعْنًى، كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (نَحْنُ الْآخِرُونَ الْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ). وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ (نَحْنُ الْآخِرُونَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا وَالْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الْخَلَائِقِ) الثَّانِي: أَنَّهُ أَوَّلُهُمْ لِكَوْنِهِ مُقَدَّمًا فِي الْخَلْقِ عَلَيْهِمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ «١» ". قَالَ قَتَادَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (كُنْتُ أَوَّلَ الْأَنْبِيَاءِ فِي الْخَلْقِ وَآخِرَهُمْ فِي الْبَعْثِ «٢». فَلِذَلِكَ وَقَعَ ذِكْرُهُ هُنَا مُقَدَّمًا قَبْلَ نُوحٍ وَغَيْرِهِ. الثالث: أول المسلمين من أهل ملته، قال ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ وَغَيْرِهِ. وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ فِي" أَوَّلُ" فَفِي بَعْضِهَا ثُبُوتُهَا وَفِي بَعْضِهَا لَا، عَلَى مَا ذَكَرْنَا. وَرَوَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا فَاطِمَةُ قُومِي فَاشْهَدِي أُضْحِيَّتِكِ فَإِنَّهُ يُغْفَرُ لَكِ فِي أَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا كُلُّ ذَنْبٍ عَمِلْتِيهِ ثُمَّ قَوْلِي:" إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ". قَالَ عِمْرَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا لَكَ وَلِأَهْلِ بَيْتِكَ خَاصَّةً أَمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً؟ قَالَ: (بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ عامة).

[[سورة الأنعام (٦): آية ١٦٤]]

قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (١٦٤)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) أَيْ مَالِكُهُ. رُوِيَ أَنَّ الْكُفَّارَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ارْجِعْ يَا مُحَمَّدُ إِلَى دِينِنَا، واعبد آلهتنا، وأترك ما أنت


(١). راجع ج ١٤ ص ١٢٦.
(٢). الحديث في كشف الخفا:" كنت أول البنين" الحديث وفية مبحث قيم. ج ٢ ص ١٢٩. [ ..... ]