ذَهَبَهَا وَفِضَّتَهَا. عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ مثل: يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ
[القيامة: ١٣]. وَتَقَدَّمَ. وَهَذَا جَوَابُ إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ لِأَنَّهُ قَسَمٌ فِي قَوْلِ الْحَسَنِ وَقَعَ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: عَلِمَتْ نَفْسٌ يَقُولُ: إِذَا بَدَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ خُتِمَتِ الْأَعْمَالُ فَعَلِمَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ، فَإِنَّهَا لَا يَنْفَعُهَا عَمَلٌ بَعْدَ ذَلِكَ. وَقِيلَ: أَيْ إِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ قَامَتِ الْقِيَامَةُ، فَحُوسِبَتْ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا عَمِلَتْ، وَأُوتِيَتْ كِتَابَهَا بِيَمِينِهَا أَوْ بِشِمَالِهَا، فَتَذَكَّرَتْ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ جَمِيعَ أَعْمَالِهَا. وَقِيلَ: هُوَ خَبَرٌ، وَلَيْسَ بِقَسَمٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ الله تعالى.
[سورة الانفطار (٨٢): الآيات ٦ الى ٩]
يَا أَيُّهَا الْإِنْسانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شاءَ رَكَّبَكَ (٨) كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (٩)
قوله تعالى: يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ) خَاطَبَ بِهَذَا مُنْكَرِي الْبَعْثَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْإِنْسَانُ هُنَا: الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ. وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي أَبِي الْأَشَدِّ بْنِ كَلَدَةَ الْجُمَحِيِّ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أيضا: (ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) أَيْ مَا الَّذِي غَرَّكَ حَتَّى كَفَرْتَ؟ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ أَيِ الْمُتَجَاوِزِ عَنْكَ. قَالَ قَتَادَةُ: غَرَّهُ شَيْطَانُهُ الْمُسَلَّطُ عَلَيْهِ. الْحَسَنُ: غَرَّهُ شَيْطَانُهُ الْخَبِيثُ. وَقِيلَ: حُمْقُهُ وَجَهْلُهُ. رَوَاهُ الْحَسَنُ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَرَوَى غَالِبٌ الْحَنَفِيُّ قَالَ: لَمَّا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَيُّهَا الْإِنْسانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ [الانفطار: ٦] قَالَ:" غَرَّهُ الْجَهْلُ" وَقَالَ صَالِحُ بْنُ مِسْمَارٍ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ يَا أَيُّهَا الْإِنْسانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ؟ فَقَالَ:" غَرَّهُ جَهْلُهُ". وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا [الأحزاب: ٧٢]. وَقِيلَ: غَرَّهُ عَفْوُ اللَّهِ، إِذْ لَمْ يُعَاقِبْهُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْعَثِ: قِيلَ: لِلْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ: لَوْ أَقَامَكَ اللَّهُ تعالى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute