للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا حَسَدَتْكُمُ الْيَهُودُ عَلَى شي مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى آمِينَ فَأَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ آمِينَ). قَالَ عُلَمَاؤُنَا «١» رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ: إِنَّمَا حَسَدَنَا أَهْلُ الْكِتَابِ لِأَنَّ أَوَّلَهَا حَمْدٌ لِلَّهِ وَثَنَاءٌ عَلَيْهِ ثُمَّ خُضُوعٌ لَهُ وَاسْتِكَانَةٌ، ثُمَّ دُعَاءٌ لَنَا بِالْهِدَايَةِ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، ثُمَّ الدعاء عليهم مع قولنا آمين.

[الباب الرابع فيما تضمنته الفاتحة من المعاني والقراءات والاعراب وفضل الحامدين، وفيه ست وثلاثون مسألة]

[[سورة الفاتحة (١): آية ٢]]

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢)

الْأُولَى قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ) رَوَى أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ الْحَافِظُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا قَالَ الْعَبْدُ الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ صَدَقَ عَبْدِي الْحَمْدُ لِي). وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا). وَقَالَ الْحَسَنُ: مَا مِنْ نِعْمَةٍ إِلَّا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَفْضَلُ مِنْهَا. وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ إِلَّا كَانَ الَّذِي أَعْطَاهُ أَفْضَلَ مِمَّا أَخَذَ). وَفِي (نَوَادِرِ الْأُصُولِ) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَوْ أَنَّ الدُّنْيَا كُلَّهَا بِحَذَافِيرِهَا بِيَدِ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ لَكَانَتِ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ (. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: مَعْنَاهُ عِنْدَنَا أَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ الدُّنْيَا، ثُمَّ أُعْطِي عَلَى أَثَرِهَا هَذِهِ الْكَلِمَةَ حَتَّى نَطَقَ بِهَا، فَكَانَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ أَفْضَلَ مِنَ الدُّنْيَا كُلِّهَا، لِأَنَّ الدُّنْيَا فَانِيَةٌ وَالْكَلِمَةَ بَاقِيَةٌ، هِيَ مِنَ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ، قَالَ [اللَّهُ تَعَالَى:" وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ «٢»] خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلًا" [مريم: ٧٦]. وَقِيلَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: لَكَانَ مَا أَعْطَى أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ. فَصَيَّرَ الْكَلِمَةَ إِعْطَاءً مِنَ العبد، والدنيا أخذا من الله، فهذا


(١). هذا حمل منهم للحديث على الفاتحة مع آمين في آخرها. [ ..... ]
(٢). زيادة عن نوادر الأصول.