للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا فَمَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ). وَرَوَى أَيْضًا عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعِيًا ثُمَّ قَالَ: (انْطَلِقْ أَبَا مَسْعُودٍ وَلَا أُلْفِيَنَّكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَأْتِي عَلَى ظَهْرِكَ بَعِيرٌ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ لَهُ رُغَاءٌ قَدْ غَلَلْتَهُ (. قَالَ: إِذًا لَا أَنْطَلِقُ. قَالَ:) إِذًا لَا أُكْرِهُكَ (. وَقَدْ قَيَّدَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ كَانَ لَنَا عَامِلًا فَلْيَكْتَسِبْ «١» زَوْجَةً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَادِمٌ فَلْيَكْتَسِبْ خَادِمًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْكَنٌ فَلْيَكْتَسِبْ مَسْكَنًا (. قَالَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أُخْبِرْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:) مَنِ اتَّخَذَ غَيْرَ ذَلِكَ فَهُوَ غَالٌّ سَارِقٌ (. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الْعَاشِرَةُ- وَمِنَ الْغُلُولِ حَبْسُ الْكُتُبِ عَنْ أَصْحَابِهَا، وَيَدْخُلُ غَيْرُهَا فِي مَعْنَاهَا. قَالَ الزُّهْرِيُّ: إِيَّاكَ وَغُلُولَ الْكُتُبِ. فَقِيلَ لَهُ: وَمَا غُلُولُ الْكُتُبِ؟ قَالَ: حَبْسُهَا عَنْ أَصْحَابِهَا. وَقَدْ قِيلَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:" وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ" أَنْ يَكْتُمَ شَيْئًا مِنَ الْوَحْيِ رَغْبَةً أَوْ رَهْبَةً أَوْ مُدَاهَنَةً. وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ عَيْبِ دِينِهِمْ وَسَبِّ آلِهَتِهِمْ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَطْوِيَ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ، قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ «٢». وَمَا بَدَأْنَا بِهِ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) تقدم القول فيه «٣».

[سورة آل عمران (٣): الآيات ١٦٢ الى ١٦٣]

أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦٢) هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (١٦٣)

قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ) يُرِيدُ بِتَرْكِ الْغُلُولِ وَالصَّبْرِ عَلَى الْجِهَادِ. (كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ) يُرِيدُ بِكُفْرٍ أَوْ غُلُولٍ أَوْ تَوَلٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَرْبِ. (وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ) أَيْ مَثْوَاهُ النار، أي إن لم يتب أو يعفو الله عنه. (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) أي المرجع. وقرى


(١). والحديث بالسند والمتن في ابن كثير.
(٢). في د وهـ وب: يسار. هو أبو عبد الله المروزي الخرساني، وابن بشار هو ابن عثمان بن داود بن كيسان العبدى البصري.
(٣). راجع ج ٣ ص ٣٧٥.