، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى" لَآتَوْهَا" مَقْصُورًا. وَفِي" الْفِتْنَةَ" هُنَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا- سُئِلُوا الْقِتَالَ فِي الْعَصَبِيَّةِ لَأَسْرَعُوا إِلَيْهِ، قَالَهُ الضَّحَّاكُ. الثَّانِي: ثُمَّ سُئِلُوا الشرك لأجابوا إليه مسرعين، قاله الحسن. (ما تَلَبَّثُوا بِها) أَيْ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ إِعْطَاءِ الْكُفْرِ إلا قليلا حتى يهلكوا، قاله السدي والقتيبي وَالْحَسَنُ وَالْفَرَّاءُ. وَقَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: أَيْ وَمَا احْتَبَسُوا عَنْ فِتْنَة الشِّرْكِ إِلَّا قَلِيلًا وَلَأَجَابُوا بِالشِّرْكِ مُسْرِعِينَ، وَذَلِكَ لِضَعْفِ نِيَّاتِهِمْ وَلِفَرْطِ نِفَاقِهِمْ، فلو اختلطت بهم الأحزاب لأظهروا الكفر.
[[سورة الأحزاب (٣٣): آية ١٥]]
وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُلاً (١٥)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ) أَيْ مِنْ قَبْلِ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ وَبَعْدَ بَدْرٍ. قَالَ قَتَادَةُ: وَذَلِكَ أَنَّهُمْ غَابُوا عَنْ بَدْرٍ وَرَأَوْا مَا أَعْطَى اللَّهُ أَهْلَ بَدْرٍ مِنَ الْكَرَامَةِ وَالنَّصْرِ، فَقَالُوا لَئِنْ أَشْهَدَنَا اللَّهُ قِتَالًا لَنُقَاتِلَنَّ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ: هُمْ بَنُو حَارِثَةَ، هَمُّوا يَوْمَ أُحُدٍ أَنْ يَفْشَلُوا مَعَ بَنِي سَلَمَةَ، فَلَمَّا نَزَلَ فِيهِمْ مَا نَزَلَ عَاهَدُوا اللَّهَ أَلَّا يَعُودُوا لِمِثْلِهَا فَذَكَرَ اللَّهُ لَهُمُ الَّذِي أَعْطَوْهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ." وَكانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُلًا" أَيْ مَسْئُولًا عَنْهُ. قَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: هُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا بَايَعُوا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ وَقَالُوا: اشْتَرِطْ لِنَفْسِكَ وَلِرَبِّكَ مَا شِئْتَ. فَقَالَ: (أَشْتَرِطُ لِرَبِّي أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَشْتَرِطُ لِنَفْسِيٍّ أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ نِسَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَوْلَادَكُمْ) فَقَالُوا: فَمَا لَنَا إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: (لَكُمُ النَّصْرُ فِي الدُّنْيَا وَالْجَنَّةُ فِي الْآخِرَةِ). فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَكانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُلًا) أَيْ أَنَّ اللَّهَ لَيَسْأَلُهُمْ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
[[سورة الأحزاب (٣٣): آية ١٦]]
قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لَا تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٦)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute