للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[سورة البقرة (٢): آية ٢٤٥]]

مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٤٥)

فِيهِ إِحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً) لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْجِهَادِ والقتال على الحق- إذ ليس شي مِنَ الشَّرِيعَةِ إِلَّا وَيَجُوزُ الْقِتَالُ عَلَيْهِ وَعَنْهُ، وَأَعْظَمُهَا دِينُ الْإِسْلَامِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ- حَرَّضَ عَلَى الْإِنْفَاقِ فِي ذَلِكَ. فَدَخَلَ فِي هَذَا الْخَبَرِ الْمُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يُقْرِضُ بِهِ رَجَاءَ الثَّوَابِ كَمَا فَعَلَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي جَيْشِ الْعُسْرَةِ «١». وَ" مَنْ" رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ، وَ" ذَا" خَبَرُهُ، وَ" الَّذِي" نَعْتٌ لِذَا، وَإِنْ شِئْتَ بَدَلٌ. وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ بَادَرَ أَبُو الدَّحْدَاحِ إِلَى التَّصَدُّقِ بِمَالِهِ ابْتِغَاءَ ثَوَابِ رَبِّهِ. أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ الْمُحَدِّثُ الْقَاضِي أَبُو عَامِرٍ «٢» يَحْيَى بْنُ عَامِرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ الْأَشْعَرِيُّ نَسَبًا وَمَذْهَبًا بِقُرْطُبَةَ- أَعَادَهَا اللَّهُ- فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ عَامَ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي إِجَازَةً قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ خَلَفِ بْنِ مَدْيَنَ الْأَزْدِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدُونَ سَمَاعًا عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ محمد بن عبد الله ابن زَكَرِيَّا بْنِ حَيْوَةَ النَّيْسَابُورِيُّ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَمِّي أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى ابن زَكَرِيَّا قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ حُمَيْدٍ «٣» الْأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ:" مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً" قَالَ أَبُو الدَّحْدَاحِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أو إن اللَّهَ تَعَالَى يُرِيدُ مِنَّا الْقَرْضَ؟ قَالَ:" نَعَمْ يَا أَبَا الدَّحْدَاحِ" قَالَ: أَرِنِي يَدَكَ [قَالَ] فَنَاوَلَهُ، قَالَ: فَإِنِّي أَقْرَضْتُ اللَّهَ حَائِطًا فِيهِ ستمائة نخلة.


(١). جيش العسرة: في غزوة تبوك، كان في عسرة وشدة من الحر وجدب البلاد، أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الناس بالجهاز وحض الأغنياء على النفقة في سبيل الله، فأنفق عثمان رضى الله عنه في ذلك نفقة عظيمة. ابن هشام: حدثني من أثق به أن عثمان. أنفق ألف دينار غير الإبل والزاد وما يتعلق بذلك، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" اللَّهُمَّ أرض عن عثمان فإنى عنه راض".
(٢). في ج وهـ وز:" أبو عامر يحيى أبن أحمد بن ربيع الأشعري".
(٣). في جميع الأصول: عن الأعرج، وليس بصحيح لان حميد الأعرج الكوفي هو الراوي عن ابن الحارث وعن خلف ابن حليفة.