الْآلِهَةِ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا. (وَقالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرىً) يَعْنُونَ الْقُرْآنَ، أَيْ مَا هُوَ إِلَّا كَذِبٌ مُخْتَلَقٌ. (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) فَتَارَةً قَالُوا سِحْرٌ، وَتَارَةً قَالُوا إِفْكٌ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ سِحْرٌ ومنهم من قال إفك.
[سورة سبإ (٣٤): الآيات ٤٤ الى ٤٥]
وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (٤٤) وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما بَلَغُوا مِعْشارَ مَا آتَيْناهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٤٥)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها) أَيْ لَمْ يَقْرَءُوا فِي كِتَابٍ أُوتُوهُ بُطْلَانَ مَا جِئْتَ بِهِ، وَلَا سَمِعُوهُ مِنْ رَسُولٍ بُعِثَ إِلَيْهِمْ، كَمَا قَالَ:" أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ" «١» [الزخرف: ٢١] فَلَيْسَ لِتَكْذِيبِهِمْ وَجْهٌ يُتَشَبَّثُ بِهِ وَلَا شُبْهَةُ مُتَعَلِّقٍ كَمَا يَقُولُ أَهْلُ الْكِتَابِ وَإِنْ كَانُوا مُبْطِلِينَ: نَحْنُ أَهْلُ كِتَابٍ وَشَرَائِعَ وَمُسْتَنِدُونَ إِلَى رُسُلٍ مِنْ رُسُلِ اللَّهِ، ثُمَّ تَوَعَّدَهُمْ عَلَى تَكْذِيبِهِمْ بِقَوْلِهِ الْحَقِّ: (وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أَيْ كَذَّبَ قَبْلَهُمْ أَقْوَامٌ كَانُوا أَشَدَّ مِنْ هَؤُلَاءِ بَطْشًا وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَأَوْسَعَ عَيْشًا، فَأَهْلَكْتُهُمْ كَثَمُودَ وَعَادٍ. (وَما بَلَغُوا) أَيْ مَا بَلَغَ أَهْلُ مَكَّةَ (مِعْشارَ مَا آتَيْناهُمْ) تِلْكَ الْأُمَمَ. وَالْمِعْشَارُ وَالْعُشْرُ سَوَاءٌ، لُغَتَانِ. وَقِيلَ: الْمِعْشَارُ عُشْرُ الْعُشْرِ. الْجَوْهَرِيُّ: وَمِعْشَارُ الشَّيْءِ عُشْرُهُ، وَلَا يقولون هذا في شي سِوَى الْعُشْرِ. وَقَالَ: مَا بَلَغَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِعْشَارَ شُكْرِ مَا أَعْطَيْنَاهُمْ، حَكَاهُ النَّقَّاشُ. وَقِيلَ: مَا أَعْطَى اللَّهُ تَعَالَى مَنْ قَبْلَهُمْ مِعْشَارَ مَا أَعْطَاهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَالْبَيَانِ وَالْحُجَّةِ وَالْبُرْهَانِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَيْسَ أُمَّةٌ أَعْلَمَ مِنْ أُمَّتِهِ، وَلَا كِتَابٌ أَبْيَنَ مِنْ كِتَابِهِ. وَقِيلَ: الْمِعْشَارُ هُوَ عُشْرُ الْعَشِيرِ، وَالْعَشِيرُ هُوَ عُشْرُ الْعُشْرِ فَيَكُونُ جُزْءًا مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ. الْمَاوَرْدِيُّ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّقْلِيلِ. (فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) أَيْ عِقَابِي فِي الْأُمَمِ، وَفِيهِ مَحْذُوفٌ وَتَقْدِيرُهُ: فأهلكناهم فكيف كان نكيري.
(١). راجع ج ١٦ ص ٧٤ [ ..... ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute